شنّ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل هجوماً لاذعاً على قيادة الجيش، وكل القوى السياسية من ضمنها حزب الله، متحدثاً عن تفكير جدي لديه بالترشح الى رئاسة الجمهورية، وهو ما يُعتبر رسالة موجهة الى حزب الله بشكل أساسي، والى تياره أيضاً، بعد أن بات يشعر باسيل أن حظوظ سليمان فرنجية أو قائد الجيش أصبحت مرتفعة.
منذ فترة كان يدرس باسيل ترشيح شخصية الى رئاسة الجمهورية، الأمر الذي يكون بداية الاختلاف الكامل مع حزب الله في الشأن الرئاسي، واليوم ترى مصادر مقربة من حزب الله أن كلام باسيل عن ترشحه شخصياً هو رسالة حاسمة لحزب الله، بأنه ليس بصدد السير معه بملف الرئاسة، ولا حتى مجاراته في طروحاته، لا بل محاربتها بكل ما أوتيَ من قوة.
في بداية الأسبوع المنصرم، ظن الكثيرون أن الأبواب ستفتح من جديد على معالجة الخلل الذي طرأ في العلاقة بين حزب الله و”التيار الوطني الحر”، بعد اللقاء الذي جمع رئيس التيار جبران باسيل والمعاون السياسي لأمين عام الحزب الحاج حسين خليل، بحضور مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا، خصوصاً بعد المواقف التي أطلقها خليل بعد اللقاء، إلا أن المفاجأة كانت بما أعلن عنه باسيل يوم الأحد.
من حيث المبدأ، أكد رئيس التيار، ولو لم يعلن عن ذلك بشكل رسمي، التباعد الكلي مع الحزب في الرؤية حول مختلف الملفات الأساسية، لا سيما الإستحقاق الرئاسي، حيث جدّد الهجوم على مرشح الحزب الضمني، أي رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، لكن الأهم رفض ما كان يريده الحزب منه، أي مناقشة الخلافات في الغرف المغلقة، بالتزامن مع وضعه العلاقة معه في مصاف العلاقة مع غالبية الأفرقاء، عندما أكد أن التيار لوحده، لكنه على استعداد للتفاهم مع الجميع.
في هذا السياق، من الضروري التوقف عند معطى أساسي، يتمثل بأن هذا التصعيد جاء بالتزامن مع المعلومات التي كانت تتحدث عن أن الحزب يتحضر لزيارة الرئيس السابق ميشال عون، الأمر الذي لا يمكن أن يفسر إلا على أساس أن رئيس التيار أراد أن يوجه رسالة واضحة لحزب الله، مفادها أنه هو المقرر على مستوى “التيار الوطني الحر”، وبالتالي اللقاء مع الرئيس عون، طالما لم يحصل الإتفاق أو التفاهم مع باسيل، لن يغير من المعادلة القائمة في الوقت الراهن.
تلتقي هذه التفسيرات مع ما يقوله مقربون من الحزب بخصوص زيارة الرئيس عون، فهم لا يتوقعون منها تغيير الكثير كونها ستكون عاطفية لا اكثر، خاصة أن باسيل يمسك بكل مفاصل تياره، لكن ليست هذه الرسالة الوحيدة لتصعيد باسيل، فإن حديثه عن ترشيحه شخصياً يقطع الطريق أمام كل أعضاء تكتله وتياره الذين يعتبرون أنهم يستحقون المركز، وهم الذين عارضوا في فترة سابقة ترشيح شخصية من خارج التيار، لكن باسيل قال لهم وأكد كلامه يوم الأحد، فإما هو وإما لا أحد من التيار، لذلك فإن كلامه عن ترشيح نفسه أزعج حزب الله وأزعج نواب في تكتل لبنان القوي، وهو ما سيزيد من الشرخ الموجود داخل التكتل، والذي قد يكون الاستحقاق الرئاسي مسرحاً لتوسعه.