Site icon IMLebanon

“كي لا تبقوا لوحدِكم”

 

 

نَحتار بَعدَ كلّ مؤتمر صحافي للنائب جبران باسيل في كيفيّة التعامل معه، هل نُفَنِّد ما قاله أم نتجاهله لعدم قدرة المنطق على محاورة اللّامنطق؟ لكن احترام الجمهور «الباسيلي» الذي يعلن أنّه بات معزولاً ويرفع شعار «لوحدنا»، يُحَتِّم علينا التعليق ولو على بعض النقاط التي وردت في المؤتمر الأخير لسعادته.

 

– عندما يخاطب النائب باسيل القابضين على البلد حاليّاً ليَتَهَكَّم على هدفهم غير المُعلَن: «ما منزيح إلّا ما نجيب الرئيس يلّي بدنا ياه»، هل يُذَكّره هذا الكلام بسابقة تعطيل البلد لأكثر من سنتين ونصف للإتيان بأحدهم رئيساً على طريقة «أنا أو لا أحد»؟

 

– وعندما يهاجم المنظومة المُتَحكّمة بالبلد، والمجهولة الأسماء طبعاً، ويتّهمها أنّها تَتَعَسّف بالدستور والقوانين والتعاميم، فهل كان يُواجه هذه المنظومة ويمنعها عن التعسّف حين كان هو الرئيس الفعلي للبلاد بين العامين 2016 و2022؟

 

– وحين يهاجم باسيل قائد الجيش ورئيس مجلس القضاء الأعلى وحاكم المصرف المركزي، علماً أنّه هو والرئيس عون من عيّنهم أو من جدّد لأحدهم وبالإجماع، هل يعني أنّ الرئيس عون والنائب باسيل اختارا أناساً غير كفوئين ومرتكبين؟ ومن يتحمّل مسؤولية سوء الاختيار؟ واذا كان العهد أخطأ باختيار رجال المواقع الثلاثة الأعلى والأهمّ، فهذا يعني حتماً أنّ جميع، أو معظم، من وزّرهم أو نوّبهم او وظّفهم عون وباسيل ليسوا من أصحاب الكفاءة أو أنّهم مرتكبون.

 

– وعندما يقول النائب باسيل إنّ «المنظومة بدها رئيس يطمس الحقيقة بتفجير المرفأ»، وذلك بعد مرور حوالى سنتين ونصف على زلزال بيروت، فإنّنا نسأل: هل أقدم باسيل والرئيس عون، في تلك الفترة، على أي خطوة باتجاه معرفة حقيقة هذا التفجير خاصة بعدما وَعَدَ فخامته بمعرفة الحقيقة خلال خمسة أيام؟

 

– أمّا أهمّ ما أعلنه باسيل بمؤتمره فهو تهديده: «إذا بِتكَملو هيك رح فكّر جدّياً بالترشّح لرئاسة الجمهوريّة بغض النظر عن الخسارة والربح». والله هذا أخطر تهديد، والنائب باسيل ذكي بما فيه الكفاية ليُدرِك أن «ترئيسه» أخطر ما يخشاه اللبنانيّون بعدما لُدِغوا من الجُحرِ مرّتين، مرّة في كابوس 1988- 1990 ومرّة في جهنّم 2016- 2022، لأنّ اللدغة الثالثة قاتلة قولاً وفعلاً.

 

نصيحة صادقة إلى النائب باسيل، لن تجرؤ على الترشّح كما تُهدّد تكراراً لأنّك تعرف أنّ حتى قسماً من نواب «التيّار» لن ينتخبك، وأنّك بعد اليوم لن تستطيع خلق حالة سياسيّة مستقلّة لأنّ استقواءك بفائض القوة والسلطة على الدستور والقوانين وأهل البيت الذين تدّعي الدفاع عن حقوقهم وصلاحياتهم، كان لك المقتلة. وللأسف لم تَعتَبِر من التاريخ ودروسِه، ولا كيف انتهى الطغاة والمتسلطون والدكتاتوريات. أنظر حولك كيف حرقت المراكبَ والجسورَ والحبال مع كل الأطياف والأفرقاء.

 

يبقى أمامك خياران كلاهما التحاقيّان. إمّا تبقى مرتهناً للمحور الإيراني والممانعة والمقاومة الإسلاميّة مستعطياً فُتات المناصب والمراكز والتوظيفات والصفقات، إمّا تكون لديك الجرأة الوطنيّة بالعودة الى الجذور اللبنانيّة، فتصعد إلى معراب وتذهب عند السياديّين لتقول لهم، «أنا جرّبت قدراتي والآن حان دوركم لاستلام دفّة القيادة». لعلّك بذلك تتصالح مع نَفسِكَ ومع وطنِكَ وشعبك.

 

(*) عضو «الجبهة السياديّة من أجل لبنان»