حين كان يطلق رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، مواقفه السياسية في مؤتمر صحافي، او خلال مهرجان لـ«التيار»، كانت سهامه توجّه دائماً في إتجاه «القوات اللبنانية» اولاً ، ومن ثم رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ليتمدّد الهجوم نحو السراي الحكومي وقاطنه نجيب ميقاتي، وهنا حدّث ولا حرج، ومن بعدها تطال الشظايا السياسية وبـ«المفرَق» بعض السياسيين وفي طليعتهم رئيس تيار «المردة « سليمان فرنجية على خلفية رئاسية، خصوصاً منذ تبنيّ « الثنائي» دعم ترشيح فرنجية الى الرئاسة.
الى هنا هؤلاء هم مَن يزعجون باسيل، بإستثناء حزب الله الذي كان يحفظ معه رئيس « التيار» دائماً خط الرجعة، اذ كان الحليف الدائم منذ توقيع ورقة تفاهم مار مخايل، الى ان ساءت الامور بين « التيار» و»الحزب»، فبدأت بالمناوشات والسجالات بين جدران الجلسات الحكومية ، بعدها ظهرت في العلن ومن ثم طغت الردود المتبادلة فأشعلت الوضع السياسي بين الطرفين، مع تداعيات سلبية دخل الموفدون والوسطاء على خطوطها، فجرى تخفيف للاحتقان خصوصاً بعد لقاءات باسيل بمسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا، ليبدأ التناحر بين الصديقين على وقع المناكفات، التي دهورت العلاقات ولم يسلم منها احد، لا من الحلفاء ولا من الخصوم. حتى بات باسيل من دون اي حليف، بل مجموعة خصوم ليسوا في سلّة واحدة، لانهم ينتمون الى خانات سياسية عدة، على الرغم من محاولة باسيل إبقاء «مطرح للصلح « مع حارة حريك، لكن بعض « لطشاته « بين الحين والاخر قد تكون قطعت شعرة معاوية مع الحزب، لان الخلاف لم يعد غيمة صيف عابرة، بل مجموعة غيوم لم يعد بإستطاعتها إعادة الاجواء الربيعية الى مكانها.
الى ذلك برزت مواقف رئيس « التيار الوطني الحر» المغايرة خلال كلمته يوم الاحد بعد قوله:» نريد للبنان أفضل العلاقات مع دول العالم، وخصوصاً مع الدول العربية وتحديداً الخليجية، نريد لبنان محايداً عن النزاعات والصراعات، ملتزما ًالشرائع والمواثيق الدولية، ومحمياَ باتفاق كل اللبنانيين باستراتيجية دفاعية تزيد مناعته، ولا تكون على حساب أحد، ويشعر الكل انّه جزء منها ويستفيد من قوتها»، ورأى « أنهم يريدون رئيساً يفصل لبنان عن العالم كما فصلوه عن التوقيت العالمي، وحوّلوا المشكلة لطائفية لإخفاء تقرير صندوق النقد بحقهم، ولكن لن يستطيعوا تحويل التوقيت الى قضية طائفية، لأنهم يريدون ادارة البلد كما يتعاطون بقصة الساعة ولكن لن نسمح لهم».
كما إعتبر أن اي تفاهم لا يعتمد اولاً على مصلحة لبنان سيسقط ولن يستمر، وكل تفاهم تتوازن فيه الأطراف وتتشارك بمفهوم اعلاء مصلحة لبنان على مصالحها، يدوم ويصمد رغم كل الضربات.
في غضون ذلك نقل مناصرون لـ» التيار» بأنّ مواقف باسيل هذه اعطته بعض الشعبية من قبل جمهور الفريق المسيحي المعارض، بسبب ما وصفوه بـ» تكويعة جبران» بعد طول إنتظار، معتبرين انّ مواقفه السابقة افقدته شعبية حتى ضمن «التيار»عاد وإستعادها في الامس.
مصادر سياسية مراقبة إعتبرت بأنّ مشكلة التوقيت وقبل ان تحّل يوم امس، اطلقت العنان للخلافات مع الفريق الحاكم، وجمعت الفريق المسيحي المعارض ووحدّت مواقفه، وبالتالي ساهمت بفتح الابواب الموصدة من قبل « القوات» امام « التيار»، اقله إمكانية البحث في الملف الرئاسي، للتوافق على إسم مقبول مسيحياً وبموافقة بكركي في الطليعة، الامر الذي دفع باسيل للانطلاق نحو « تكويعة» سياسية في إتجاه الخطاب المسيحي القوي، الذي أعطاه شعبية من الصف المسيحي المقابل، الذي رأى فيه بداية إنطلاقة نحو الخطاب المطلوب على الساحة المسيحية.