سألت مرة أحد الزملاء في محطة الـ”أل بي سي” المشهود لهم بالمهنية العالية: ما هي القيمة المضافة التي يشكلها تقرير عن استقبالات عصام فارس الشعبية في بينو في نشرات كل أحد؟ فأجابني: لقد دفع “دولته” ثمن هذه الإطلالة الأسبوعية لدقائق معدودة ملايين الدولارات مسبقاً، في إشارة إلى تملّكه 10 بالمائة من أسهم المحطة. إذاً لا بأس أن يطل على المشاهدين في نهاية الويك إند. وطلّة طلال إرسلان المبهرة، واستقبالاته في خلدة كل أحد، تأتي في السياق نفسه، ولو عن طريق نسيبه مروان.
أما نائب رئيس مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية الوزيرة ليلى الصلح حمادة، فلها كل أحد دقيقة هواء، حتى لو عُرِض خبر تكريمها للأمهات في عيدهن في مناسبة عيد الأب. وده كان من زمان.
وجرت العادة أن يطلق الحاج محمد رعد مواقفه النارية كل أحد في أربعين أو أسبوع أحد شهداء المقاومة الإسلامية.
وفي كل أحد يتوقّع المشاهد “برشة” المتروبوليت الياس عودة، و”نشرة” الكاردينال بشارة الراعي للطبقة الحاكمة والعاجزة والفاسدة وحتى… المجرمة.
نسبة المشاهدة التلفزيونية يوم الأحد عالية، وهذا ما أدركه، نجم الإثارة السياسية، الرجل النعّار جبران باسيل، فبرمج عروضه أيام الآحاد، ممهداً لكل عرض بحملة ترويجية تجعل البلد كله عارفاً بما سيعلنه الزاهد الواعظ المتعفف.
يطل جبران، متحدثاً إلى الكاميرا، متوجهاً إلى الحلفاء الخصوم، وإلى منغصي أحلامه الوردية من دون وسيط. يتكلم بطلاقة، بحيوية، يصول ويجول وينتقل كالغزال في حقول الكلمات التي تلامس الوجدان. تخلّى باسيل عن صيغة المؤتمرات الصحافية التي تفترض وجود صحافيين ثقلاء الدم. هكذا أفضل. هو والكاميرا والفانزات. في كل طلة، في كل أحد يكتشف اللبنانيون في جبران لوكاً شبابياً جديداً مع أنه أتم الخمسين في حزيران. مرّات كثيرة وجدته متأثراً بستايل مصمم الأزياء العالمي إيلي صعب. بلوزة سوداء. فوقها جاكيت سوداء. نظّارتان بكادر أسود. لكن القلب أبيض. أكثر بياضاً من “شق اللفت”. وفي آخر إطلالة بدا حليق الذقن، مضيء الوجه، وقد استبدل التيشرت السوداء، بتيشرت بيضاء. القالب غالب. ويحرص جبران أن يوحي للمشاهدين أنه يغفو يومياً في المكتب ويطب فاتحاً رواية “أرخبيل غولاغ ” لألكسندر سولجنستين، أو غامراً آخر إصدارات الألماني يورغن هابرماس.
ماذا قال أول من أمس؟ لا يهم. فحضوره المشع، وليس كلامه ورسائله ونعراته وفلتاته، هو حدث يوم الأحد التلفزيوني.