IMLebanon

ما لا يقدر عليه باسيل

 

على هامش الفراغ الرئاسي المفروض من «حزب الله» الذي يشكل تكراراً لبروفة 2016، تجرى بعض المحاولات لترتيب تفاهم بين قوى المعارضة، على توحيد استراتيجية التعامل مع التعطيل، من زاوية مواجهة مرشح «الحزب» ومشروعه. تطمح هذه المحاولات إلى توقّع الأفضل، لا سيما بعد حصول تواصل غير مباشر مع النائب جبران باسيل، بحيث يمكن اذا نجح هذا التواصل، أن يؤدي إلى جمع الكتل النيابية للمعارضة والتغييريين والمستقلين، وراء دعم مرشح واحد متفق عليه، كي يتخطى هذا الدعم حاجز الـ65 صوتاً، ويؤدي الى إحراج «حزب الله»، والى إحراج الموقف الفرنسي الذي يتذرّع بانعدام توحد المعارضة، لتأييد ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية.

 

تنشط الاتصالات لترتيب هذا التفاهم، وقد فتحت الخطوط بين المعارضة وباسيل، وبانتظار النتائج المدعمة بالتوافق المؤمل أن يكون على اسم واحد، تسجل ملاحظات عدة تتعلق بموقف «التيار العوني»، وبباسيل على وجه التحديد، وكلها ملاحظات لا تشي بالكثير من التفاؤل، بإمكان العمل سوياً، لإسقاط ترشيح فرنجية، وأبرز هذه الملاحظات:

 

أولا: يتعمّد باسيل فتح حوار مع قوى المعارضة، لكنه في المقابل لا يبتعد عن موقف «حزب الله» قيد أنملة. ففي البحث بالأسماء اشترط باسيل أن لا يتم البحث بأي اسم، الا بعد أن يكون في خانة الأسماء التي لا يعترض عليها «حزب الله». هذا يعني باللغة العملية، أنّ باسيل لم يخرج من جلباب «الحزب»، وأنه وإن سُمح له بأن يعارض فرنجية، إلا أنّه من غير المسموح، أن يذهب إلى تسمية أي مرشح، إذا لم يكن متأكداً من قبول «حزب الله» ورضاه. هذا يعني بالترجمة العملية أيضاً، أنّ باسيل يناور، ويفتح حواراً من أجل الحوار، باعتباره لا يملك قراره، بخوض معركة أي مرشح، إلا بعد أن يوافق «الحزب»، وبما أنّ «الحزب» غير موافق، فلن يكون هناك جدوى من هامش المناورة العوني المصطنع، الذي لن ينتهي إلا في بيت طاعة «حزب الله».

 

ثانياً: ليس هناك ثقة بأن باسيل قادر أو يريد، أن يتفق على مرشح موحد، بل هناك شك بأنّه يسعى من وراء هذا الحوار إلى كسب نقاط في علاقته بـ»حزب الله»، والى تطيير ترشيح فرنجية لمصلحة مرشح سوف يزكّيه في اللحظة المناسبة. بسبب هذه اللاثقة، لا يسير الكلام مع باسيل على الطريق الصحيح، ومن المتوقع أن يُستنفد في وقت قريب، بعد عجزه عن إثبات قدرته على استقلالية موقفه عن «الحزب».

 

ثالثاً: يسعى باسيل من هذا الحوار غير المعلن، إلى أكثر من مجرد العودة الى التقرب مع «الحزب»، وابتزازه بحوار مزعوم مع قوى المعارضة. لا ينام باسيل قلقاً من وصول قائد الجيش إلى بعبدا، وموقفه السلبي من العماد جوزاف عون، يصل إلى مستوى الحقد الشخصي، وهو بالتالي يريد من الحوار مع بعض القوى، أن يحذر من ذهابها إلى التسويق لقائد الجيش، «لأنّه في حال حصول ذلك سننتخب فرنجية».

 

هذا غيض من فيض من فصول حوار لم يولد في العلن، وربما لن يولد، لكنه يكشف حجم القصور والعجز، ويسلط الضوء على الهوية الحقيقية للمسيطر على القرار اللبناني.