باسيل ينعطف باتجاه «حزب الله»: ساعدوني في النزول عن الشجرة
يأخذ الحوار الذي انطلق بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» لإعادة وصل ما انقطع بينهما منحى متسارعا، حيث تعقد اجتماعات متتالية بين مسؤولي الطرفين بعيدا عن الأنظار بغية تقريب وجهات النظر حول النقاط الخلافية والتي يأتي في مقدمها ملف الاستحقاق الرئاسي الذي كاد أن يوقع الطلاق الخلعي بينهما لو كان قد تصرّف الحزب بالحدّية ذاتها التي تصرّف بها رئيس التيار الوطني الذي رفع السقف عاليا بوجه الحزب الذي قابله بالقول ما أنا ساحب يدي من يدك إلّا إذا سحبتها أنت.
ان تصرّف «حزب الله» ببرودة كبيرة مع سخونة خطاب باسيل، والهجمة الشرسة عليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي من قبل مناصري «التيار» ساعد باسيل على القيام بتكويعته السريعة باتجاه الضاحية بعد ان شعر بأن المسار القائم من حركة «اللقاء الخماسي» سيؤدي في النهاية إلى تعزيز حظوظ وفرص وصول قائد الجيش جوزيف عون لرئاسة الجمهورية، إذ وكما هو معلوم فإن وصول فرنجية أهون على رئيس «التيار» من وصول جوزيف عون، وهذا ما راهن عليه حزب الله لعودة باسيل الى مربع التفاهم معه من جديد وان بعناوين مغايرة.
ان باسيل الذي وصل الى آخر درجة في السلم في مواقفه يعلم علم اليقين أن التفاوض على تفاصيل مشروعي اللامركزية الإدارية والصندوق الإئتماني يحتاج إلى وقت طويل للوصول إلى تفاهم، لكنه بطرحه هذا أراد أن يخاطب شارعه بان قبوله بمرشح الثنائي الشيعي له ثمن، وهذا الثمن هو اللامركزية المالية والصندوق الإئتماني، مع إدراكه بان ملف اللامركزية موجود في إدراج المجلس منذ توقيع الطائف، ونفضت عنه الغبار في بعض المحطات وكان سرعان ما يوضع على الرف لان هناك استحالة في تطبيق في هذه الظروف، وكذلك فان مسألة إدارة الصندوق الائتماني تخضع لاعتبارات كثيرة ويصعب التوافق عليه في ظل الانشطار السياسي الموجود، وهذا ما يطرح السؤال عما إذا ما كان باسيل يراهن على الوقت للوصول إلى مرحلة ما بعد انتهاء ولاية قائد الجيش جوزيف عون فلا يصبح واقعاً بين خيارين إما فرنجية أو قائد الجيش، بينما يعتبر الحزب أن الوقت غير مفتوح لمثل هذا التفاوض والأمور يمكن أن تظهر قبل نهاية أيلول المقبل.
يؤكد مصدر وزاري ان قنوات التواصل بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» مفتوحة على مصراعيها، لكن لا يمكن القول بعد اننا بتنا قريبين من التفاهم على النقاط الذي هي مدار البحث، مشددا على ان لا ورقة محددة تبحث، وان النقاش يطال كل المواضيع المطروحة.
وفي رأي المصدر ان خوف باسيل من وصول قائد الجيش الى قصر بعبدا جعله ينعطف مجددا باتجاه «حزب الله»، وانه بهذه الانعطافة وكأنه يقول للحزب «ساعدوني في النزول عن الشجرة» بعد أن بلغ خطابه السياسي منسوبا عاليا ليس من السهل العودة عنه، و«حزب الله» لا يجد في ذلك مشكلة طالما ان ذلك يخدم توجهه السياسي، مستبعدا أن يكون جبران باسيل يناور، لا «حزب الله» يعرف عنه انه يدرس كل خطواته بتأن ولا يقوم بأية خطوة غير محسوبة.
ويؤكد المصدر الوزاري ان التواصل بين الطرفين قطع مسافة كبيرة لكنه لم يصل بعد الى حد تحديد أي موعد لباسيل مع الامين العام لـ»حزب الله» وان كان ذلك واردا مع قابل الايام ما لم تظهر أي معوقات تحول دون ذلك.
ولم يستبعد المصدور نفسه أن يكون أيلول طرفه بانتخاب رئيس مبلول، حيث ان المعطيات تشي بأن هناك توجها اقليميا ودوليا جدّيا لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، مشددا على ان إيران أبلغت من يعنيهم الأمر بانها لن تشارك بأي لقاء خماسي أو سداسي أو على أي مستوى، لأنها لا تريد التدخّل في الشأن اللبناني، وانها لا تتخل لا من قريب ولا من بعيد بما يقرره «حزب الله» في هذا المجال، والفرنسيين كما القطريين تبلغوا هذه الرسالة.
وعندما يقال للمصدر ان هناك من يرى ان انتخاب الرئيس يتم ما أن تفتح قنوات التواصل بين الحزب والمملكة العربية السعودية يسارع الى نفي ذلك لأنه لا المملكة ولا الحزب يعيقان انتخاب الرئيس، وإذا كان لم يسجل الى الان أي تواصل مباشر بين الطرفين حتى الآن، فإن ذلك يبقى أمراً محتملا في ظل مروحة التفاهمات والانفتاح التي شهدتها المنطقة في الأشهر القليلة الماضية.