طائرة هليكوبتر تسقط في حمّانا ويسقط فيها الضابطان الشهيدان ريشار صعب وجوزف حنّا. ومَن مِنّا لا يذكر طوافة الضابط الشهيد سامر حنّا.
الضباط الأبطال الثلاثة وإن كانوا لم يسقطوا بسلاح الأعداء، إلّا أنّهم شهداء خالدون في وطن بحاجة إلى كلّ فرد من أبنائه فكيف إذا كانوا أبناء المؤسّسة العسكريّة التي يراهن الجميع على بقائها شعلة الأمل لهذا الوطن المنكوب.
ألف رحمة على أرواحهم وأحرّ العزاء لذويهم ولجيشنا البطل. طائرة هليكوبتر من نوع آخر استقلّها الرقم 2 والرقم 3 في السلطة بغياب رأس الدولة لافتتاح أعمال بداية الحفر في البلوك 9 حيث بئر قانا الذي ستشاركنا دولة إسرائيل بـ17 بالمئة من عائداته.
هل لاحظ حضرة الرؤساء والوزراء المرافقون أنّ الناس لم تواكب فرحتهم ولم تتفاعل مع الحدث؟
بل سادهم نوع من الحذر والقلق والخوف من أن تلتحق أموال الذهب الأسود بأموال الخزينة وأموال المودعين، فَمَن استطاع ابتلاع مئات مليارات الدولارات، هَل ستغصّ بزلعومه حفنة من مليارت منتظرة من حقول نفطية.
هل نلوم الناس؟ كلّا الناس لا تُلام، ولكنّها لن ترتاح ولن تَثِق بسلطة قبل عودة الأموال المنهوبة والمسروقة إلى خزينتهم وإلى جيوبهم. في مجال آخر، اطّلعنا على كلمة الرئيس السابق ميشال عون في عشاء «التيّار الوطنيّ الحرّ» في كسروان.
لن نعلّق عليها لعدّة أسباب خاصّة أنّ كلّ الجهود التي يبذلها فخامته في تنقلاته وخطاباته، من دمشق إلى آخر مطعم في لبنان، هي جهودٌ مُهداة لتثبيت التوريث والوريث، يعني هي أمورٌ شخصية ضمن البيت الواحد، ولا تعني لبنان ولا اللبنانيّين.
أمّا خطابات وتويترات النائب جبران باسيل فمن الضروري مواكبتها عن قرب، لأنّها تصلح لأروع برنامج للمعارضة.
فهو لا ينفكّ يهاجم «المنظومة» التي سيقاتلها حتى تسقط، وقد كتب البارحة حرفياً: «وسيكون سقوطكم يا أبناء المنظومة حتميّاً، وسيكون انتصاركم يا أبناء التيّار حتميّاً».
منذ العام 2005، وقبل أن يكون رئيساً «للتيّار الحرّ»، يهاجم باسيل «المنظومة» ويريد إسقاطها.
ومنذ العام 2005 وحتى اليوم لم يخبرنا أَحَدٌ مِنَ «التيّار» مَنْ هم «أركان المنظومة». فنحن كسياديّين نريد ان نسأل «التيّار الحرّ» وجمهوره ورئيسه: هل سمير وستريدا جعجع من أركان المنظومة؟
هل سامي ونديم الجميل من أركان المنظومة؟
هل كميــل شمعـون وميشـال معوض من أركان المنظومة؟ هل نواب ووزراء «القوات» و»الكتائب» و»التجدد» والتغييريّون والمستقلّون السياديّون من «أركان المنظومة»؟
أَمْ أنّ التجهيل مقصود لاتّهام الجميع وادّعاء العفّة لغسل عقول «الجماهير» مجدّداً وتكرار العناوين الفضفاضة ذاتها وكأنّ الرئيس عون والنائب باسيل لم تطأ أقدامهما قصر بعبدا وكأنّ «التيّار» لم يَصِل إلى السُلطَةِ يوماً.
«التيّار الحرّ» ومنذ العام 2005، هو من أركان «المنظومة» وجزء لا يتجزّأ منها، في البرلمان وفي الحكومات وفي ثنائيّة «نادر وجبران» وفي الاتصالات وفي كهرباء العتمة وفي بواخر الفضائح، وفي السدود المفخوتة وفي تجاوز القوانين والهيئة العليا للشراء وعدم الرضوخ لقرارات شورى الدولة واحتلال مرافق عامّة… صورة الطوّافة في حقل قانا مُسَتفِزَّة، لكنّها ذكّرتنا بصورة مماثلة بالبلوك رقم 4 حيث جلس الرئيس عون خلف المِقوَد، وشمّت إحدى مسؤولات «التيّار» رائحة الغاز الصاعد من البحر، وارتفعت في البترون اللوحة الإعلانيّة العملاقة حيث كُتِبَ عليها: لبنان بلد نفطي، شكراً جبران باسيل.
سنقول لك شكراً جبران باسيل يوم تُعلِن أنّهم لو أعطوك البَرَّ والبحرَ والنفطَ والصندوقَ الائتماني كلّه، لَن تُسلّم لبنان وشعبه إلى دولةٍ خارجيّةٍ ومِحوَرٍ خارجيّ، ولَن ترضى إلّا بدولةٍ واحدةٍ سيّدةٍ حرّةٍ مستقلّةّ حياديّة، دولةٍ بجيشٍ واحد وسلاحٍ شرعيٍّ واحدّ وسلطةٍ واحدةٍ وقضاءٍ واحدٍ فوق رأسِ الجميعِ من أقصى الشمال والبقاع إلى اقصى الجنوب، عندها نقول لك شكراً جبران باسيل. فهل تفعلها؟