IMLebanon

ليس زمن جبران باسيل  

 

صحيح أنّ صهر العهد جبران باسيل قال وأكثر في الحديث عن الدستور اللبناني العفن وقد بلغ به «زغر العقل» حدّ الاعتقاد أنّه قادرٌ على إجراء تعديل على الدستور اللبناني، وللمناسبة التعويل على أخبار العقوبات الفرنسية كحد أقصى، أو نشر الفضائح الماليّة لهؤلاء المسؤولين الذين يتحكمون برقاب البلاد والعباد، الحقيقة الواضحة جداً أنّ جبران باسيل لا يقدّم ولا يؤخّر في موضوع تأخير موعد الاستشارات النيابية التي تم تطييرها من خميس الأمس إلى الخميس المقبل، المشكلة أكبر من باسيل ومن لفّ لفّه كلّهم.

 

حتى لا تذهب الأمور باتجاه تصعيد مذهبي سُنّي ـ شيعيّ ترك حزب الله الحبل على غاربه لعنتريّات جبران باسيل، انتصف تشرين الأول، وباقٍ أيام قليلة على الانتخابات الرئاسية الأميركيّة والذي لم يلاقِ الرئيس الفرنسي ومبادرته، فكيف سيعطي سعد الحريري ما لم يعطه لماكرون، لا يريد حزب الله «وجعة راس» ولكنّه لا يريد أيضاً حكومة، ونقطة على السطر، ويكفي أن يجلس حزب الله جانباً حتى تنفلت عنتريات باسيل من عقالها، شخصيّة تفتقر إلى كلّ شيء، ووافقه حظّ أنّها «صهر الرئيس»، ولأنّه كذلك يخطب ويشدّ ويقدّ مراجل سياسيّة، وفي الحقيقة هو ظاهرة صوتيّة يستخدمها حزب الله عندما يعمّ صمته.

 

في هذه المرحلة بالذات على اللبنانيين أن لا ينسوا أنّ التجربة مع حزب الله أفرزت أمراً واقعاً يؤكد استطاعته فرض كلّ السياسات التي أرادها وعطّل البلاد حتى نجح في فرضها، أمين عام حزب الله حسن نصرالله لا يريد أن يقال «حزب الله» يمنع تشكيل حكومة، ليس خوفاً على لبنان، حزب الله اليوم خائف أكثر من أيّ وقت مضى من إيقاظ العالم على حقيقة صواريخه، وسيستمرّ لبنان يدفع أثماناً باهظة طالما هو مختطف من قبل حزب الله «رهينة» مفاوضات من أجل المصلحة الإيرانية ومهما كان الثمن!

 

يستمرّ لبنان للأسف في ممارسة الهروب من أزمته الحقيقيّة، وهي أبعد بكثير من حالة الانهيار المالي والاقتصادية والخراب الذي لحق بعاصمته منذ 4 آب، للأسف الجميع متواطىء على إضمار الصمت تجاه حزب الله وسلاحه ودويلته والجميع متواطىء على تحييدها عن توجيه أصابع الاتهام لها وإلى رفع الصوت عالياً جدّاً بأنّ الحزب هو المتسبب الحقيقي في معاناة الشعب اللبناني وانهيار البلاد، مع الإشارة إلى أنّ كلّ الكلام لا يقدّم ولا يؤخّر عند حزب الله ولا عند إيران، ومع هذا هناك من يريدنا أن نصدّق أن جبران باسيل هو من عقّد الدنيا وإكراماً لعينيْه تم تطيير الاستشارات النيابيّة، فما هذا الهراء؟ حتى الادّعاء أنّ عدم انعقاد لقاء يجمع الرئيس الحريري بجبران باسيل كان السبب في تأجيل الاستشارات هو موضع استهجان، خصوصاً أن صاحب المبادرة سعد الحريري يريد حكومة اختصاصيين، أما باسيل فلا يريد الحريري من أصله رئيساً للحكومة إن لم يكن بشروطه وحضوره وحصصه وتوزيعاته وللمناسبة «حاج تعطو» باسيل أكثر وأكبر ممّا يستحقّ!

 

لبنان ذاهب باتجاه الفوضى لتعبئة الفراغ السياسي، ونُذُر الحرب تلوح في الأفق اللبناني، لبنان على وشك الانهيار والحرب حاجة لإعادة خلط الأوراق، وما يحدث في المنطقة إعادة توزيع لدويلات، وحجم ومكان وعدد دويلات لبنان لا يزال ضائعاً على خارطة تقسيمات المنطقة! الرئيس الثالث عشر سيكون الأخير في تاريخ لبنان الكبير وجمهوريّة «الطائف»، وأيّ ربع ساعة أخير وما قد ينتج عنه لن يكون حلاً ولا يعوّل عليه لأنّ الساسة اللبنانيون يملكون موهبة فائقة في استيلاد سلسلة أزمات متوالية، فعاصفة الكذب واللعب بالمجتمع الدولي هذه ليست الأولى إلا أنّها قد تكون الأخيرة!