إنتهى ملف التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، كما لا يتمنّى رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل، وخلّف هذا الأمر مرارة لديه، لأنه فشل في معركة إسقاط عون، ولم يخُض شريك ورقة «تفاهم مار مخايل»، أي «حزب الله»، معركة باسيل.
سطّر رئيس «التيار» الردّ القاسي على خطوة التمديد خلال مؤتمر ميرنا الشالوحي المخصّص للنازحين السوريين، ولم يتجرّأ على مهاجمة «حزب الله» في العلن رغم تمريره بعض الرسائل. في المقابل لا بدّ من رصد خطوات باسيل تجاه «الحزب» وكيف ستتطوّر العلاقة.
ودخل معطى جديد إلى الحياة السياسية، فقد تحكّم تفاهم «مار مخايل» باللعبة الداخلية منذ 6 شباط 2006، وقتها إنتزع «حزب الله» الغطاء المسيحي وبسط أجنحته داخل الدولة وخطف القرار الإستراتيجي، بينما كان باسيل والعماد ميشال عون و»التيار» يقاتلون جميعاً في الداخل بعضلات «الحزب».
إستثمر «التيار» سريعاً تفاهم «مار مخايل»، فالعماد عون الذي حصد الغالبية المسيحية عام 2005 لم يدخل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وعُزل. وبعد الإتفاق أصبح يطالب بالثلث المعطّل مع «الثنائي الشيعي»، فكل «التسونامي» المسيحي لم يشفع بـ»التيار»، بل عضلات «الحزب».
خرج العماد عون ومعه باسيل ليعلن الإنتصار في غزوة 7 أيار، بعدما كان استعان بـ»الحزب» لتعطيل النصاب وتأخير وصول العماد ميشال سليمان إلى بعبدا. وبعد «إتفاق الدوحة» أعطى «الحزب» باسيل حصة الأسد من الحقائب المسيحية فدخل في حكومة السنيورة الثانية وزيراً للإتصالات مع 4 وزراء عونيين.
وظهر فاقعاً إستقواء باسيل بعضلات «حزب الله» بعد انتخابات 2009 النيابية، يومها خسر للمرة الثانية في البترون، ووضع كل من سليمان ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري معياراً وهو عدم توزير الخاسرين في الإنتخابات، فاستعان باسيل بـ»الحزب» وعطّل تأليف الحكومة أشهراً قبل رضوخ الحريري وقبوله توزير باسيل.
حصل إنقلاب كانون 2011 على حكومة الحريري الأولى، وتمّ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي، وبقي التأليف معطلاً إلى حين تلبية جميع مطالب باسيل بحصوله على 10 وزراء. وتكرر الأمر نفسه مع حكومة الرئيس تمّام سلام.
واشتغلت عضلات «حزب الله» شغلها في المعركة الرئاسية وعُطّل النصاب أكثر من 28 شهراً لتأمين وصول عون إلى بعبدا، يومها بات باسيل رئيس الظل والحاكم بأمره ونجح في نسج علاقات مع الحريري قبل إندلاع إنتفاضة 17 تشرين. نال باسيل كل ما يشتهيه في الوزارات خلال حكومتَي الرئيسين حسان دياب ونجيب ميقاتي وحصد التعيينات المسيحية، وعند الوصول إلى إنتخابات 2022 مدّ «الحزب» باسيل بسبعة نواب مسيحيين، لكي يقف في وجه «القوات».
حصل الإفتراق الشهير بين باسيل و»الحزب» خلال المعركة الرئاسية، واستفاد باسيل من رفض «القوات» والمعارضة ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية لمنع وصوله إلى بعبدا. وبما أنّ الصراع على الرئاسة مستمر فقد فتحت مسألة التمديد لقائد الجيش الباب على مصراعيه. حاول باسيل اللعب على الحبال والإيحاء أنه «بيضة القبّان»، واستفاد من التقاطع مع «القوات» والمعارضة على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور للرئاسة، لكن ملف التمديد أعاده إلى حجمه وأثبت عدم قدرته على التأثير كثيراً لولا عضلات «حزب الله».
في ميرنا الشالوحي هناك غضب كبير على ما حصل في مجلس النواب، لكن حتى الساعة لم يعلن باسيل فكّ الإرتباط النهائي بـ»الحزب». ويعمل بعض الوسطاء على خطّ إعادة ترتيب الأمور، فمن جهة لا يريد «حزب الله» خسارة الغطاء المسيحي نهائياً، ومن جهة ثانية، لا يرغب باسيل في التخلّي عن عامل قوة لديه. وتجرى حسابات دقيقة داخل الجسم البرتقالي، فمرور التمديد بصرف نظر من «الحزب» قد يدفع باسيل إلى الطلب من حليفه التعويض رئاسياً، وأول التعويضات يكون بشطب وصول فرنجية إلى الرئاسة وبعده جوزاف عون، على رغم إدراك الجميع مدى التأثير الخارجي في الإستحقاق الرئاسي.