Site icon IMLebanon

باسيل يُحكم قبضته على التيّار … فصل المناوئين وضبط الموقف الموحّد المصالحات من زحلة الى المتن وجزين… تمهيداً لتموضع انتخابي جديد

 

 

تستحوذ الحركة السياسية ذات الطابع “الإجتماعي” لرئيس “التيار الوطتي الحر” جبران باسيل التي ظهرت مؤخرا، باهتمام المتابعين. فيبدو وانه كمن خرج من مرحلة العزلة للانفتاح على الجميع من دون اسثناءأت، بمن فيهم حتى الخصوم التقليديين. ولا تزال تفاعلات حضور السفير السعودي وليد البخاري الى البياضة حاضرة في الصالونات والمواقف، كما لا تزال العلاقة المستحدثة والجيدة جدا بين رئيس التيار ورئيس مجلس النواب نبيه بري تثير جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، من كل النواحي الإيجابية والسلبية.

 

وما يثير التساؤلات ايضا انتقال باسيل الى مصالحة قيادات وقوى سياسية كان في خصومة انتخابية وسياسية معها، وعليه يمكن القول ان الستارة أسدلت على علاقة سيئة للتيار بعدد كبير من الخصوم السابقين، ليفتح مشهد جديد مختلف في العلاقات . هكذا بدا المشهد في جزين في منزل النائب ابراهيم عازار المقرب من بري، فالزيارة المفاجئة في التوقيت والمضمون السياسي، كسرت حاجز الخصومة الانتخابية الماضية بين حركة “أمل” و”الوطني الحر”، مع ان الواضح ان الخطوة مدروسة من اجل العودة الى الساحة الجزينية بعد انتكاسة الانتخابات، في رسالة واضحة الى “القوات” الذي فاز بالمقاعد النيابية، كاسرا احتكار التيار على مدى السنوات، على ان زيارة جزين مفارقة بحد ذاتها وأوحت بامكان قيام تحالف مستقبلي بين عازار والتيار في مواجهة “القوات” وشخصيات جزينية. مع العلم ان ما فعله باسيل في جزين ليس معزولا عن التواصل والتنسيق الجاري منذ فترة بين “التيار الوطني الحر” و”أمل” التي تدعم مرشح عائلة عازار .

ليس عازار اول السياسيين الذين التقاهم باسيل، اذ يتردد حصول اتصالات وتواصل بين عمارة شلهوب والبياضة من خلال أصدقاء مشتركين، بعد مرحلة طويلة من الصراع التقليدي الإنتخابي في المتن الشمالي، ويمكن تلمس الواقع الجديد للعلاقة في تحييد الوزير السابق الياس المر في مقابلته الأخيرة رئيس التيار، مقابل اعلان المواجهة السياسية مع رئيسي “الكتائب” و”القوات”، مما استدعى ردودا عنيفة من الاثنين على تصريح المر.

وإذا كان من المبكر الجزم بإمكانية قيام تحالف مستقبلي بين باسيل والمر في انتخابات ٢٠٢٦، فإن أقل ما يقال ان هناك ستاتيكو مختلف عن الماضي، بغض النظر عما سينتج من اعادة التواصل السياسي في الانتخابات.

لا يمكن من اللحظة الحكم عن مفاعيل المصالحات التي يجريها باسيل، والتي شملت أيضا رئيسة “الكتلة الشعبية” ميريام سكاف، من اجل ترتيب مخارج ملائمة لقضية الموقوف داني الرشيد، لكن خطوات باسيل ليست تفصيلا عاديا في الوقت الذي يقوم بنفضة داخلية في تياره ، بإقصاء وطرد قيادات ورموز بعد ان وقع الافتراق والتباين في المواقف معها، وليس آخر “المفصولين” نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ، الذي صار مؤكدا انه خارج التيار من دون معرفة كيفية وصول الوضع الى هذا المستوى. في حين يعتبر البعض ان نائب المتن أخرج نفسه بقرار ذاتي نتيجة سياسته المختلفة عن التيار، وفي اطار رد الفعل عما جرى مع بو صعب في انتخابات ٢٠٢٢ بعدم التصويت الحزبي له، فيما يضع البعض ما جرى في إطار ضبط فلتان المواقف في التيار، وإحكام باسيل قبضته داخل تياره.

 

ليس أمرا عاديا ان يقصد باسيل يوم الأحد الماضي جزين من بوابة عازار، بدل قيادات ونواب تدور في فلك التيار، وليس عابرا ان يقفل  بري وباسيل مؤخرا دفاتر خلافاتهما الكثيرة والعميقة، للتنسيق في انتخابات نقابة المهندسين والتصويت للمرشح المدعوم من التيار، كما في تماهي تكتل “لبنان القوي” مع التمديد للبلديات. فالعلاقة التي عادت اليها الحياة بعد طول نزاعات، تعتبر نقلة نوعية بعد فترة من التوترات، وفي لحظة سياسية مفصلية على أبواب الدخول في استحقاقات سياسية مؤثرة كالملف الرئاسي.

فالواضح ان هناك تنظيم جديد لعلاقة التيار مع قوى سياسية لا تشبهه كثيرا، فباسيل يقوم راهنا بتموضع جديد عبر تحييد الخلافات والتشجنات، مع ابقاء مسافة معينة للمناورة السياسية الخاصة به ، فهناك قفزة نوعية وجديدة في العلاقة، ويمكن الجزم انه أرسى علاقة مختلفة تماما عن الماضي مع أقسى وألد خصومه السياسيين في عين التينة، حيث لم تتفع محاولات تدخل حزب الله في الماضي في إنعاش العلاقة وتجميلها، مع ذلك لا يمكن من اليوم تأكيد مسألة التحالف الكبير بين باسيل ومن يصالحهم في المستقبل، فالأمر يخضع للتوازنات والحسابات الشخصية والسياسية والتوازنات الجديدة.