في حديثٍ إلى أحد المواقع الإخباريّة الالكترونيّة قال النائب جبران باسيل جازماً: «إنّ المعطِّلَيْن الأساسِيَّين لانتخاب رئيس الجمهوريّة هما «حزب الله» و»القوات اللبنانيّة». وكرّر هذا الكلام البارحة مِن على دَرج بكركي. صَدَقَ النائب باسيل، فـ»القوات» قاطعت اثنتي عشرة جلسة دعا اليها رئيس المجلس نبيه برّي لانتخاب الرئيس! و»القوات» هَروَلَت سريعاً ودائماً خارج قاعة المجلس لتعطيل كلّ الدورات الانتخابيّة الثانية! و»القوات» صَرَّحَت في آخر جلسة انتخابية منذ سنة، في 14 حزيران 2024، أنّ التقاطع على جهاد أزعور هو لمرّة واحدة فقط!
والدكتور سمير جعجع كان الحاكم الفعلي للبلد في عهد رئاسة «عمّه والد زوجته» ومَنَع انتخاب الرئيس في فترة الشهرين قبل نهاية عهد «عمّه» حسبما ينصّ عليه الدستور اللبناني! «فعلاً، يلّي استحوا ماتوا».
يُكمِل النائب باسيل في تصاريحه قائلاً: «فما معنى أنْ يَتَصَلَّب سمير جعجع رافضاً الحوار برئاسة برّي؟ ونحن لا نخاف من الأعراف الجديدة». نَسِيَ النائب باسيل أنّ حوار القوى السياسيّة اللبنانيّة المتصارعة والمتحاربة بين عامي 1975 و1990، انتهى إلى اتفاق الطائف الذي أصبح الدستور اللبناني في ظلّ رعاية عربيّة ودوليّة شاملة، وبِجهدٍ استثنائيٍّ بَذَلته المملكة العربيّة السعوديّة وجامعة الدول العربيّة.
وقد حدّد الدستور اللبناني بشكل واضح كيفيّة انتخاب رئيس مجلس النواب وكيفيّة تسمية رئيس الحكومة وكيفيّة تشكيل الحكومة. إلّا أنّ آليّة انتخاب رئيس الجمهوريّة هي وحدها الآليّة غير الخاضعة للاجتهاد أو للتأويل أو للتفسير أو للتشريح أو للحوار أو «للأعراف الجديدة»، إذ إنّ الدستور اللبناني حدّد بالمهل وبالأيّام وبالإلزام «إجباريّة» بقاء النوّاب في قاعة المجلس في آخر عشرة أيام قبل انتهاء ولاية الرئيس لانتخاب الرئيس المقبل، وكلّ ما عدا ذلك هو تجاوزٌ وفَرضٌ واغتصابٌ واستقواءٌ أو «بلطجة» كما سمّاها النائب باسيل، هل تذكرون؟
وطبعاً ما زلنا نَذكُر كيف ترافق بعدها مع «البلطجي» في القطار الانتخابي النيابي الأخير للوصول إلى المحطّة، ونتذكّر كَم كانت الرحلة مُربِحَة لباسيل وتيّاره، ولا يزال سائق القطار، أي «حزب الله»، يُعَيِّر «وريث التيّار الحرّ» ويُمَنِّنه حتى اليوم أنّه أعطاه أكثر من نصف نوّابه، ويمنّنه أنّه لا يزال يَدعم مُرشّحيه للانتخابات النقابيّة في نقابات المهندسين والأطبّاء والمحامين وغيرها.
وعلى سبيل الاستطراد ليس إلّا، فإنّ تكتل نواب المعارضة يتألّف من واحد وثلاثين نائباً فقط، يبقى لكم سبعة وتسعون نائباً أي أكثر بأحد عشر نائباً من نِصابِ الثلثين، فلو كنتم صادقين في رغبتكم بانتخاب رئيس للجمهوريّة وتتهمون الآخرين بالتعطيل، فلماذا لا تتحاورون مع بعضكم البعض وتنتخبون من تشاؤون للرئاسة؟
تريدون توقيع وغطاء «الكتائب» و»الأحرار» و»التجدّد» و»السياديّين» و»القوات» لِتُكمِلوا بنا إلى قعر جهنّم، لن تحصلوا على مبتغاكم.