IMLebanon

باسيل “أحسن من غيره”

 

 

 

يتحفنا جبران باسيل، إذ يركب قطار المبادرات، ممتشقاً رغبته «الصادقة» في حل أزمة الشغور الرئاسي من خلال «الحوار»، مع ضمانات تقضي بالتزام الذهاب إلى الانتخاب حتى لا يبقى «هذا الحوار» عقيماً، ومع تعهدات بعدم تحويله إلى عرف يتحكم بالاستحقاقات الدستورية التي لم يحترم يوماً أياً منها منذ تنصيبه «معطلاً رسمياً» برتبة «الصهر المدلل».

 

وبالطبع تقتضي «مبادرته الإنقاذية» هذه، سؤال خاطر رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليساهم في إيجاد خاتمة سعيدة تنهي كوابيس الوطن. وبعد الزيارة الميمونة يطل على وسائل الإعلام ليدلي بدلوه عن عبقرياته في «نسج التفاهم»، فينال علامة تقدير من «الأستاذ»، بصفته «أحسن من غيره». وهللوا يا… تمجيداً للنفس الباسيلي الخلاق، لا سيما عندما يبادر ويبتكر سيناريوات قائمة على الجولات والصولات المبطنة بالنوايا الحسنة.

 

بالتالي ليس للبنانيين أن يقلقوا ما دام أحد ممثليهم على هذا المستوى من الفطنة وسرعة الخاطر، وتوزيع الأدوار للإيحاء بأنه يجدّ ويجتهد لفتح كوة في الأفق المسدود. لكن الفطنة لا تلغي الوقائع، ولا تجترح المعجزات، ولا يمكن أن تحمل المبادرة الباسيلية أكثر من همروجتها الإعلامية، ما دام المرسوم والمقدر لا يتأثر بالفلكلور الممجوج، فالكل يعرف أنّ أجنحة هذه المبادرة لا تحط ولا تطير، حتى وإن كانت مطلوبة، ولها وظيفتها لإلهاء المستائين من رهن «حزب الله» لبنان لمصالح رأس محوره الإيراني… وكأن الناس لم تيأس من ملء الفراغ بالهراء.

 

وسعي باسيل مشكور لأنه بذلك يلبي مطالب «الحزب» المشغول في «معركة إسناد غزة والدفاع الاستباقي عن لبنان» ومواسم التهديد والوعيد وعرض العضلات، وبث الرعب في قلوب الصهاينة على أمل أن ينقرضوا نتيجة اصاباتهم بالجلطة أو السكتة القلبية أو يحفروا الأرض ويكملوا ما بقي من حياتهم في سراديب مظلمة، ليحموا أنفسهم من «القدرات النوعية لدى المقاومة، والتي مكّنتها من حصر المعركة وفرض إيقاعها وأجبرت العدو على الخضوع لهذا الإيقاع».

 

وبالطبع، لا يهم أن يبقى لبنان غارقاً في قرف مستدام يجره من تحت الدلف إلى تحت المزراب. المهم طرح المبادرات في السوق. وباسيل لا يمكن أن يستثني نفسه في مثل هذا البازار المفتوح. فهو أشطر من باع واشترى في المواسم والاستحقاقات. والكلام المكرر على المنابر للتداول الاعلامي وتحسين الصورة.

 

وكيف لا؟ والمنافسة على أشدها بين «الممانعين الكبار» في الصف المسيحي. و»حرب المشاغلة» الرئاسية لم تترك ستراً إلا وكشفته، لذا لا بد لباسيل أن يرد على غريمه وزميل دربه الممانع سليمان فرنجية، انطلاقاً من أنّ للضرورة أحكامها الموجبة اختبار قدرة أي من الطرفين على الربح بالنقاط، ليصار بعد ذلك إلى قراءة ما سوف تتمخض عنه هذه النقاط من معادلات جديدة تستوجب تغييرات في التكتيك والاستراتيجية.

 

من هنا يصبح منطقياً أن يركب كل «قوي ممانع» أعلى ما في خيله بانتظار أن ينتهي «الحزب» من حربه الضروس، التي لا تقتصر تداعياتها على مدى فشله أو قدرته على إيصال مرشحه لرئاسة الجمهورية اللبنانية، ولكن على تعزيز نفوذه والبقاء في سدّة التحكم بمفاصل البلد، لأنه يعتبر أن أي ارتخاء في قبضة تحكمه هذا، سوف تؤدي إلى انهيار تسلسلي لجبروته.

 

وفي حين لا إمكانية لطرح احتمال الفوز بالضربة القاضية، لأن القرار بالتعيين تحت قناع التوافق هو ما سيفرضه «الحزب» على كل الافرقاء، عندما يستطيع إلى ذلك سبيلاً، يبقى أن لا لزوم للقلق. فباسيل الذي نال شهادة بأنه «أحسن من غيره»، سيتابع سعيه المشكور، حتى يصل الدور إليه. ومن جَدَّ وجد.