وسط المعمعة الكبيرة التي تعيشها البلاد، والانتظار الثقيل لمصير الحرب الإقليمية المتوقعة، قرر رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ، بغطاء من عميد الحزب، المبادرة وتوجيه ضربته لمعارضيه، مكتفيا من “النطرة” التي طالت في زمن الاستحقاقات الداهمة.
مصادر مواكبة للهزات المتلاحق التي يشهدها التيار أشارت الى ان الأشخاص الذين اثيرت حولهم التساؤلات في الفترة الأخيرة، كان سبق وابلغ باسيل رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون عن رغبته بعدم ترشيحهم من جديد للانتخابات النيابية في استحقاق ٢٠٢٢ لأكثر من سبب، ابرزها “احتكارهم” لهذه المقاعد النيابية لأكثر من دورة، ما حرم التيار من الدم الجديد، الا ان الجنرال رفض يومذاك طالبا التروي.
وتابعت المصادر ان الامور انقلبت اليوم في ظل اصرار الرئيس عون على ضرورة اتخاذ اجراءات جذرية، نتيجة الآثار السلبية التي بدأت تنعكس على أداء المحازبين وعلى التيار بشكل عام، في ظل مراجعات من القواعد، واشاعات كثيرة رافقت الفترة الماضية كلها.
غير ان ما استوقف المتابعين هو في توقيت ما يحصل، حيث يحكى عن صفقة تحاول ميرنا الشالوحي ابرامها للعودة إلى الحكومة بشروطها، مقابل تنازلها عن تصعيدها، واعادة تفعيل وثيقة التفاهم، التي يقال ان التصعيد الاخير في المنطقة قدم طوق النجاة للصهر، للعودة إلى حارة حريك من بوابة الوحدة الوطنية في مواجهة العدو الاسرائيلي، وهو ما يستوجب تعزيز مواقع التواصل الاجتماعي العاملين على هذا الخط من داخل التيار نوابا ومسؤولين وقيادات، قد يكون بعضهم قد ابعد سابقا.
وتتابع المعطيات، بأن ما حصل خلال الأيام الماضية قد “زلط” البرتقالي بالكامل من الغطاء الغربي، وان بقي له على هذا الصعيد النائب فريد البستاني، رغم محدودية اتصالاته الاميركية نتيجة علاقاته “الزايدة” مع حارة حريك.
فالنائب ألان عون من المقربين والمحسوبين على الخط الاميركي في صفوف التيار، وهو أدى دورا اساسيا خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، اما نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب فله علاقاته الخليجية القوية، والاميركية الشخصية، والتي جعلته اليوم المفاوض الأول “الرسمي والشرعي” باسم حارة حريك بتذكية من عين التينة، وهو كان سبق ووضع هذه الإمكانات بتصرف الرابية.
أما النائب سيمون ابي رميا، فعلاقته التاريخية مع المخابرات والادارة الفرنسية معروفة منذ التسعينات، وهو شكل صلة الوصل بين باريس والرابية، فضلا عن ان زوجته السابقة، وهي فرنسية الجنسية، تشغل وظيفة في جهاز المخابرات الخارجية. يبقى على لائحة المرشحين النائب ابراهيم كنعان الذي ربطته منذ التسعينات أيضا علاقات قوية ببريطانيا واجهزتها الاستخباراتية، يضاف الى كل ذلك علاقته القوية “باستيذ عين التينة”، حتى انه ينقل عن العماد قوله ان هدفه الأول من التدقيق الجنائي احد النواب المعارضين ، ومن بعده رياض سلامة.
فهل يعني كل ما تقدم ان “التيار الوطني الحر” يعمل على تنظيف جسمه النيابي من المحسوبين على الغرب؟ نظريات وسرديات تنفيها مصادر التيار، معتبرة ان لا علاقة بملف الانفتاح على حزب الله بعمليات الفصل و الاستقالة، علما ان المعنيين جميعا كانوا من صقور الدفاع عن العلاقة بحزب الله، كما انهم لطالما كانوا من الأساسيين في الفترة الماضية، ونجحوا بأصوات الشيعة، سواء في المتن ام جبيل ام بعبدا.
وعليه، تختم المصادر بأن ما حصل امر طبيعي تشهده جميع الاحزاب، وهو انتفاضة او ثورة داخلية مطلوبة لاعادة تصويب الأداء، فقوة الاحزاب الرئيسية هي في الالتزام، فخارجه لا ثقل لاي حزب، ولا قيمة لاي كتلة نيابية ام وزارية.