كلما حلت عقدة في الملف الحكومي، كلما اختلقت عقد يريد أصحابها الإمعان في محاصرة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، سعياً من أجل فرض شروطهم والحصول على أكبر قدر من المكاسب والنفوذ، كما هي حال صهر رئيس الجمهورية ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي يرفض التخلي عن وزارة الطاقة، طالما أن وزارة المالية ما زالت في عهدة حركة «أمل» وهذا ما أبلغه إلى الذين راجعوه في الشأن الحكومي، ما أعاد الأمور إلى نقطة الصفر إذا صح التعبير، بعدما كانت الأجواء المحيطة بالمشاورات الجارية، تتوقع ولادة الحكومة في الأيام القليلة المقبلة، على ما سبق وأشار إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري. لكن تبين وفق المعلومات التي توافرت لـ «اللواء»، أن هناك خلافات حول توزيع الحقائب لا تزال ترخي بثقلها على عملية التأليف، بحيث أن باسيل لا يريد إعطاء تيار»المردة» حقيبة وازنة بعد تخليه عن حقيبة الأشغال، كما يرفض أن تكون وزارة الصحة من حصة النائب السابق وليد جنبلاط، توازياً مع إصراره على توزير حليفه النائب طلال إرسلان .
وتشير المعلومات إلى أن التيار «العوني» يضغط لعدم قبول رئيس الجمهورية بصيغة الـ18، وهو يدفع باتجاه توسيع الحكومة إلى 20 أو أكثر لإشراك ممثل عن إرسلان، وهو طرح يلاقي قبولاً من جانب «حزب الله» الذي لم يبد موافقة صريحة بعد على الصيغة التي ينادي بها الرئيس المكلف الذي يحرص على ألا تتجاوز حكومته الـ 18 وزيراً. ولا يزال متمسكاً بهذه الصيغة التي توفر للحكومة الأجواء الملائمة التي تساعدها على تحقيق ما هو مطلوب منها، على صعيد الإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي، باعتبار أن الحكومة الموسعة التي أثبتت التجارب أنها حقل خصب للخلافات بين أعضائها، وبالتالي فهي عرضة للانهيار والسقوط في أي لحظة، ولا يؤمل منها ما يرتجيه الناس من إنتاجية فاعلة وقادرة على إخراج لبنان من أزماته التي يتخبط بها .
لكن رغم ضبابية المشهد الحكومي إلا أنه وبحسب المعلومات، فإن الرئيس المكلف يواصل جهوده متسلحاً بالكتمان وبصبر كبير، من أجل أن يصل إلى هدفه في تشكيل حكومة ترضيه، وتحظى بثقة الداخل قبل الخارج، انطلاقاً من جوهر المبادرة الفرنسية التي لا يزال متمسكاً بها، كونها تشكل الفرصة الأخيرة للإنقاذ، وهو ما يتفق معه بهذا الشأن مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الأمر يؤمل أن يعطي دفعاً قوياً للمشاورات الجارية من أجل إزالة العقبات التي تؤخر الولادة الحكومية، سيما وأن تشكيل الحكومة الجديدة، بات مطلباً دولياً يحظى بدعم أميركي فرنسي، لأن وضع لبنان المنهار لا يحتمل أي تسويف أو مماطلة على هذا الصعيد.
وكشفت المعلومات أن سفراء مجموعة الدعم الدولية أكدوا دعمهم لتكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة، مشددين على ضرورة المسارعة إلى التوافق على التشكيلة العتيدة في أقرب وقت، ومحذرين من إطالة أمد التأليف، بعدما كان تشكيل الحكومات في السنوات الماضية يستغرق شهوراً، وهو أمر بالغ الخطورة في ظل ظروف لبنان الحالية، ما يستوجب من جميع الأطراف تقدير حراجة ما يعانيه البلد، والكف عن وضع شروط وشروط مضادة، وبالتالي تقديم الدعم للرئيس المكلف وإزالة العقبات من أمامه، باعتبار أنه يحظى بدعم داخلي واحترام وتقدير المجتمعين العربي والدولي، في وقت نقل عن مصادر دبلوماسية عربية، أن الرئيس الحريري هو رجل المرحلة القادر على إنقاذ لبنان، شرط تضافر الجهود اللبنانية لمساعدته والأخذ بيده لإنقاذ بلده من مأزقه.
وأشارت المصادر الدبلوماسية إلى أن كرة الإنقاذ موجودة في الملعب اللبناني حصراً، في ظل الانشغال العربي والدولي بملفات المنطقة والعالم المتفجرة، على أن تكون الدول المانحة عاملاً مساعداً للبنانيين على إخراج بلدهم من أزماته التي لا تعد ولا تحصى، مشددة على أن طريق الإصلاح هو أقصر الطرق للحصول على الدعم العربي الدولي الذي يحتاجه لبنان، وعلى المسؤولين اللبنانيين أن يعوا هذه الحقيقة، ويضعوا مصلحة بلدهم قبل أي مصلحة أخرى.