Site icon IMLebanon

الإمتعاض من باسيل والتأصيل الجنبلاطي للهوية.. حرب غزة وتحوُّلات المساندة اللبنانية!

 

على مشارف انتهاء العام الأول من حرب غزة التي شنتها إسرائيل بنيامين نتنياهو وحكومة الليكود الأكثر تطرفاً في الدولة العبرية منذ قيامها عام 1948، يبقى السؤال المفتوح، والذي يستتبع أسئلة ذات صلة: ماذا عن الجبهة اللبنانية أو الحرب بين حزب الله وإسرائيل، أو ما اصطلح على اعتباره، في أدبيات الحزب، بأن لبنان «جبهة مساندة» لغزة المظلومة والمعتدى عليها، إلى جانب اليمن والعراق، وبعض الجغرافيا السورية، التي تتواجد عليها قوات إيرانية أو عراقية أو عائدة لحزب الله..

مع كل صباح، يتجدَّد السؤال: متى تتوقف جبهة الإسناد اللبنانية، مع العلم أن الجواب معروف منذ اليوم الأول (8 ت1 «2023»)، عندما أعلن حزب الله، بعد دراسة الموقف، في ضوء نداء القيادي الكبير في الكتائب القسام محمد ضيف الى دول المحور، أن تهبّ للنجدة، في عملية «طوفان الأقصى»، فكان أن قرر الحزب بدء العمليات، عبر استهداف مواقع عسكرية إسرائيلية على تخوم ما اعتبر لاحقاً بأنه «الحافة» بين إسرائيل وجنوب لبنان الحدودي..

 

قد يكون أغلب الظن، أن عملية الرّد على دخول «مستوطنات الغلاف» من قِبل قوات حماس الشجاعة والمدربة على مستوى ذهل المتابعين، أخذت وقتاً أكثر مما كان مقدراً. ومضت الحرب بين تدمير غزة وصمود المقاومة الفلسطينية من حماس الى الجهاد، وسائر الفصائل الأخرى المقاتلة، إلى اعتبار الجبهة الجنوبية المساندة ثاني أكبر الجبهات في الحرب الدائرة، وتبيَّن لقيادة المحور أن الحرب طويلة، وها هي تتجاوز الأسابيع والأشهر، وتمتد لسنة أو أكثر، ولا أحد بات بإمكانه الجزم بأي وضعية مستقبلية للحرب، خارج الإطار الذي وضعه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من أن كلمة الفصل للميدان، وليست لأي اعتبار آخر..

توسعت الحرب على جبهة الجنوب، وامتدت الى البقاع، وعمق الأراضي السورية في عملية ملاحقة ومطاردة للقيادات العسكرية اللبنانية والفلسطينية والسورية والايرانية، في استهداف الضاحية في ضربتين بالغتي الخطورة، الأولى، استهدفت القيادي في حماس صالح العاروري والثانية استهدفت القيادي العسكري الكبير في المقاومة الاسلامية فؤاد شكر (المعروف بالسيد محسن)، فضلاً عن استهدافات قيادات عسكرية فاعلة في المقاومة الاسلامية وحماس، وكتائب الأقصى، في حرب إبادة وتسجيل نقاط بالخسائر البشرية أولاً، وثانياً، التحكم بمجريات المواجهة.

 

لم تتمكن إسرائيل من ليّ ذراع الحزب العسكرية، وأثبتت وقائع الميدان أن القوة التي تمكَّن الحزب من بنائها عبر السنوات الـ17 الماضية، بعد حرب 2006، صلبة ومتينة، مما يؤهل الحزب للمقاومة لسنوات سواء على هذا المنوال الدائر منذ 8 ت1، أو لجهة توسع الحرب مع احتمالاتها القاتلة.

وفي الاطار نفسه، لم تفلح الدبلوماسية الدولية، بضغوطاتها من لجم اندفاعة الحرب الى المساندة، لا عبر التهويل بعدم التمديد للطوارئ، وفقا لما حصل والأخذ، في نظر الاعتبار المصالح اللبنانية، ولا عبر التهويل بأن الحرب الواسعة، قد تؤدي إذا نشبت إلى احتلال جنوب الليطاني، وإلحاق الدمار بما تعمَّر في ضاحية بيروت الجنوبية بعد دمار الـ2006.

هنا، ظهرت على المسرح، حسابات جديدة، في ما خصَّ الجبهة السياسية الداخلية، بين متعاطف مع انغماس حزب الله على النحو الحاصل في حرب المساندة لغزة، وبين متجهم، ومعترض على هذه المشاركة، من زاوية الحجة البسيطة البديهية التالية: ما شأن لنا بهذه الحرب، على الرغم من التعاطف مع الشعب الفلسطيني وقضيته ومقاومته.

ففي الوقت، الذي كانت جبهة الاسلام السنّي، تدعم على غير مستوى، وصولاً الى اعتبار أن مشاركة «قوات الفجر» التابعة للجماعة الاسلامية بمثابة غطاء متوفر، وعلى مستوى يبدو داعماً ومؤدياً الغرض منه، كانت القوى المسيحية، سواء على مستوى الكنيسة وأحزاب اليمين التقليدي (كتائب، قوات لبنانية،شماعنة وغير ذلك) تبدي معارضة قوية للحرب، واشتراك حزب الله فيها، والضرر المقدر على البلد واستقراره وتوازناته..

على أن الأبرز في المسألة، كانت المواقف المتكررة والمعادة للتيار الوطني الحر، سواء على مستوى رئيسه النائب جبران باسيل، أو مؤسساته الحزبية وبياناته، بمناسبة وبغير مناسبة، والتي تقف الى جانب حزب الله، في معاركه الدفاعية، وليس في حروب  تتعلق بغزة والسنوار أو حروب الاقليم خارج لبنان..

لم تعنِ حزب الله هذه المواقف شيئاً خطيراً، سوى الامتعاض من أداء باسيل وصقور التيار، من دون أن يؤدي هذا الى قطيعة أو انقطاع..

على أن الأبرز في جبهة المساندة اللبنانية، في الدائرة السياسية، فضلاً عن مواقف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، هو الانعطافة الحادة والثابتة للزعامة الدرزية اللبنانية، ممثلة بالمختارة،حسب النائب وائل أبو فاعور، وبالزعيم وليد جنبلاط، بحسابات «الثنائي الشيعي»، والتي تركز على توفير ما يلزم من دعم للمقاومة اللبنانية، أو المقاومة الفلسطينية، من زاوية إعادة تثبيت البوصلة الدرزية في الصراع، من أن الدروز في هذه المنطقة هم جزء من القوة العربية والاسلامية، وبالتالي فالخيار ليس الانخراط في جيش العدو، بل في مشروع المقاومة والمناهضة للخطر الذي يتهدد الدول العربية والمسلمين، فضلا عن لبنان، الدولة الواحدة الموحدة!