” تجربة تميزت بصفات كلها سوء (…) هو ” الأنسكلوبيديا بريتانيكا” من حيث المعرفة. جوابه حاضر في أي شأن. معرفته مكتملة في جميع الأمور. علمه تام. لا يحتاج مشورةً أو رأياً (…) شعبوية النهج. تفرّد في القرار…” قد يخال كثيرون ممن لا يقرأون، أن هذا التوصيف يستهدف جبران باسيل شخصياً وليس عمه يوم كان يقود انتحارنا الأول. في الواقع ما أشرتُ إليه غيض من فيض ما كتبه النائب ألبير منصور عن العماد ميشال عون الذي حكم المنطقة الشرقية 4 أشهر من دون حرب (من تشرين الأول 1988 لغاية شباط 1989) في كتاب “الانقلاب على الطائف” الصادر عن “دار الجديد”. لا منصور قصّر في إيفاء الرجل الاستثنائي حقه، ولا كل من روى تاريخ تلك الحقبة وبطلها الخارق.
يكاد يكون “التلميذ العوني الشاطر” نسخة طبق الأصل عن “أستاذه جبل” الكامل الأوصاف. والعونية ليست التزاما بقدر ما هي صفة. فأن تكون عونياً فأنت سياسي غريب معجون بالكراهية ومركبات العظمة والفرادة وادّعاء البطولات والوصولية والانتهازية والعداء للقوات اللبنانية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. جبران،في هذا الإطار نموذج عوني متكامل.
في آخر مونولوغ له أمام المجلس السياسي لحزبه، صال وجال في ملف المفقودين مدافعاً بشراسة عن عمه “بريتانيكا” ودوره الطليعي في ملف المفقودين، مصوباً على قائدي القوات اللبنانية بشير الجميل وسمير جعجع “المقصّرين” في ملف المخفيين قسراً، علماً أن أياً منهما لم يزر سورية كزعيم مشرقي. لم يحاضر بشير الجميل في جامعة دمشق كحليف جديد للنظام ولا حلّ سمير جعجع ضيفاّ فوق العادة في قصر المهاجرين. وللتذكير الجميّل اغتاله نظام الأسد وجعجع اعتقله أزلام الأسد، فيما بنى نابوليون الرابية علاقة مميزة مع الأسدين لم تتخلخل منذ عودته من منفاه مظفّراً ومكللاً بالغار.
أما قول الصهر بأن العمّ كان الوحيد بين رؤساء الجمهورية السابقين الذي لم يزر سورية فذلك عائد لسببن: إنشغال الأسد بحروب الداخل في فترة ولاية عون، واطمئنان الرئيس السوري إلى وجود سماحة السيد على رأس السلطة اللبنانية.
يطيب للصهر المناضل، في كل مونولوغ، استذكار معركة التحرير العظيمة بنبرة رجولية محببة. خطب في مجلسه السياسي/ الإجتماعي:”إنتو عملتوا 14 آذار موسمي ونحنا كنا بقلبه، وانتو خرجتوا منه ونسيتوا الذكرى والتاريخ ونحنا من الـ 89 لليوم لنا 25 سنة منحتفل بذكرى حرب التحرير ضد الاحتلال”.
ما يجب التوقف عنده أن التحرير الذي أعلنه الجنرال المتمتع بكامل قواه العقلية، بمساندة النقيب المغوار جبران باسيل (19 عاماً) أدى إلى كوارث على المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية في آن ولم يحرر نصف شبر من أرض لبنان، أما 14 آذار فتمكنت من إحراج بشّار وإخراج جيشه من كل لبنان. عاش لبنان. عاشت بريتانيكا.