Site icon IMLebanon

باسيل يتعاطى مع ملف التشكيل وكأنه يواجه عهداً يخاصمه سياسياً

 

عرقلة تشكيل الحكومة تلحق الضرر باللبنانيين وتزيد من تعثر عهد عون

 

 

مع بداية الثلث الأخير من ولاية الرئيس ميشال عون الغارقة في مسلسل من الأزمات والمشاكل التي تحاصر لبنان من كل جانب، أحيت تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة العتيدة الآمال بإمكانية المباشرة بحل هذه الأزمات والتخفيف من وطأة الضغوطات والمصاعب الاقتصادية والمعيشية التي فاقمتها السياسة الفاشلة للحكومة المستقيلة، عن كاهل المواطنين من جهة وإعطاء جرعة دعم لمسيرة العهد المتعثرة من جهة ثانية.

 

ولكن، تحقيق الأهداف المذكورة وفي مقدمتها حل الأزمة المالية الصعبة، لا يمكن من دون الإسراع في عملية تشكيل الحكومة الجديدة على الأسس التي تمت تسمية الرئيس المكلف استناداً إليها وهي المبادرة الفرنسية بكل مكوناتها لأنها تشكّل العلاج المناسب لما يشكو منه لبنان في الوقت الحاضر، بالرغم من محاولة بعض الأطراف التملص أو الالتفاف على هذه المبادرة أو السعي لتفسيرها في غير موضعها.

 

بداية الثلث الأخير من ولاية عون غارقة في مسلسل الأزمات التي تحاصر لبنان

 

ومن يتمعن بسلوكية وممارسة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في تعاطيه مع موضوع تشكيل الحكومة الجديدة، منذ تسمية الرئيس سعد الحريري في البداية وما تخللها من وضع عراقيل من هنا ومطبات من هناك، أو من خلال مسلسل الشروط والمطالب التي يطرحها فوق العادة حالياً، أو هدر الوقت الثمين في المماحكة الممجوجة والمماطلة المملة باستمرار، واسلوب تفريخ العقد والمشاكل في طريق الرئيس المكلف، يستغرب أشدّ الاستغراب هذا الاسلوب بالتعاطي المريب والمثير للتساؤل ويخرج باستنتاج مفاده بأن هذه الأساليب المكشوفة التي يعتمدها قد تبدو للبعض بأنها تستهدف إعاقة أو تفشيل مهمة الرئيس المكلف وتعطيل ولادة الحكومة التي يتطلع إليها معظم اللبنانيين لتخفف عنهم ما يعانونه وتفتح نافذة لإخراج لبنان من وضعه الحالي، ولكن بالنتيجة فإن تأخير عملية التشكيل أو تعطيلها نهائياً، لن ينعكس على الرئيس المكلف وعلى اللبنانيين فقط، بل سيطال عهد الرئيس عون الذي ينقضي بسرعة ويزيد من تعثره ونقمة اللبنانيين عليه ومن ورائه التيار الذي يدعمه أيضاً.

 

ولا تتوقف خلاصة الاستنتاج عند هذا الحد، بل يذهب بعض السياسيين إلى توصيف سلوكية باسيل بهذا الخصوص بالقول ان تعاطيه في عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة وكأنه يواجه عهداً حاكماً هو في خصومة سياسية معه، هو يقف في جهة والعهد في جهة ثانية.

 

ولذلك يضع العصي والعقبات في طريق التشكيلة الحكومية، بينما الإسراع بتشكيل الحكومة لا يصب في خانة قيام حكومة جديدة تتولى زمام السلطة وإدارة البلاد فقط، بل تعود بالفائدة كذلك على العهد الذي يُجسّد «العونية السياسية» أيضاً، فالفائدة مشتركة على الجميع من دون استثناء في حين ان التأخير واستهلاك الوقت من دون سدى، وعلى هذا المنوال من المماطلة والمماحكة التي خبرها اللبنانيون، يزيد من تآكل رصيد عهد الرئيس عون ويأتي على البقية الباقية من سمعته لدى اللبنانيين وهذا ينعكس بشكل مبشار على التيار السياسي الذي يدعمه ويزيد من حدة استياء اللبنانيين من ادائه السيء في الوقت الحاضر وعلى مرّ السنوات الماضية.

 

هذا الواقع يجسده رئيس «التيار الوطني الحر» في خطابه السياسي وفي كل مناسبة يظهر فيها، فلا يتراجع أو يتعظ بسلبيات وانعكاسات الأداء السيء والممارسة الخاطئة للسلطة طوال السنوات الأربع من عمر العهد، أو تعاطيه الاستفزازي مع باقي الأطراف في السلطة واثارته للنعرات الطائفية والعصبيات من وقت لآخر، وما أدى إليه هذا النهج من تعثر فاضح وفشل لعهد الرئيس عون.

 

الآن، لا يمكن الاستمرار في هذا النهج على هذا النحو في إعاقة تسريع تشكيل الحكومة المرتقبة لأن الوقت ينقضي بسرعة على حساب اللبنانيين، في حين ان الدول الصديقة الداعمة لتشكيل الحكومة لا يمكن ان تنتظر تفاهم واتفاق اللبنانيين إلى ما لا نهاية ولا بدّ من اغتنام فرصة استمرار المبادرة الفرنسية لدعم لبنان ومساعدته للنهوض من عثرته وحل مشاكله المالية والاقتصادية.

 

كل الأطراف الآن على المحك، لكي تلتف وتدعم الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة، لكي تباشر مهماتها في مقاربة وحل الأزمات المتراكمة بالسرعة المطلوبة. اما التماهي مع أساليب التعطيل والعرقلة التي يمارسها رئيس «التيار الوطني الحر» علناً وسراً، لأسباب محلية أو إقليمية، فهذا يعني ان العرقلة ليست محلية صرفة وابعادها تتخطى الداخل وكل اللبنانيين سيتضررون جراءها، وليس طرف أو جهة محددة فقط.