Site icon IMLebanon

رسالة من تحت الماء

 

يردّد الصهر المُدلّل هذه الأيام أبيات قصيدة نزار قباني “رسالة من تحت الماء”، التي غنّاها عبد الحليم حافظ، مُشدّداً على مقطع “لو أنّي أعرف أنّ البحر عميق جداً ما أبحرت… لو كنت أعرف آخرتي ما كنت بدأت”.

 

وبعد إفلاسه على الجبهة الأميركية، ها هو يدير شراعه صوب الإليزيه. والمؤسف أنّه يعرض بضاعة كاسدة. قد يبرّر الأمر بعلّة في صندوق البريد، لكنّه سيكتشف عاجلاً أم آجلاً، أنّ أبواب الغرب موصدة في وجهه، كذلك الأبواب العربية، ولأسباب موضوعية مبنية على معطيات تتعلّق بالدور الذي لعبه منذ تفاهم مار مخايل لتنمو دويلة المِحور الممانع، وتكتمل وتطيح بالدولة، وتصادر سيادتها وأمنها واقتصادها.

 

وفي حين كان غارقاً في النهل من الخيرات، مكافأة له على اجتهاده، لم يلتفت الى تحوّل اللبنانيين رعايا بلا وطن تحت رحمة المِحور. إمّا أن ينصاعوا أو “درب تسدّ ما تردّ”. فمن يرحل يريح، ومن يبقى يكفي.

 

يحاول الصهر العزيز النأي بنفسه عن مهندسي الفساد والطائفية في رسالته الفرنسية. يتشاطر على من يعرف أنّه منخرط حتى العظم في ما يثيره المهندسون من حزازيات لتذكير بعضهم البعض بأحجامهم وقدراتهم.

 

ربّما لا يصدّق أنّه في خريف أمجاده. فقد حسب أنّ ديمومة هذه الطبقة الحاكمة راسخة، وهو منها، والرقم الصعب فيها. يعرقل، فينال ما يبتغيه. لا يفيد دستور أو قانون أو مؤسّسات لردعه. لذا، هو حاقد على زملائه من مهندسي الفساد. يكاد يختنق وهو يراقب جولاتهم وصولاتهم، شامتين مُتشفّين بإقصائه عن حلمه في الخِلافة.

 

يلعن سوء طالعه، يبحث عن حصانته، فلا يجدها. يحاول رفع صوته من خلال التصريحات والمؤتمرات عن بعد. فهو يحتاج الى السامعين.

 

يغلبه صوت مواطن قُتلت ابنته في جريمة تفجير المرفأ، إذ يقول: “صار لي 60 سنة بدفع ضرائب، أريد أن أعرف من قتل إبنتي، وسأعرف بأسناني وبأظافري”.

 

أو برفيقة له في المأساة تقول: “عون بقي 15 سنة في فرنسا يهاجم “حزب الله” ويشتمه، وعندما رجع عقد اتفاقاً مع “حزب الله”، ولم يفعل شيئاً لنعرف من ارتكب جريمة المرفأ”.

 

يعتقد أنّه سيقلب الدنيا رأساً على عقب من خلال الإصرار على التحقيق الجنائي، ليلبس لبوس الإصلاح. يردّ عليه المايسترو بمشروع قانون انتخابات في لعبة تناتش النفوذ والسلطة وتصفية الحسابات.

 

يحتار الى من يوجّه رسائله، يتعثّر بخياله، يخترع حججاً يبدو أنّه يصدّقها وحده.

 

وكأنّه يريد تجاهل ما يعرفه القاصي والداني.

 

يحاول أن يستجدي حضوراً يكرّسه شخصية سياسية مِحورية، بدأ نجمها بالأفول قبل أن يسطع، وكان يظنّه واعداً.

 

والصهر معذور. فالظاهر أنّ هاتفه لم يعد يرنّ كما في السابق. يُقال إنه يفتقد الكمّ والنوع في طبيعة الإتصالات. أين كان وأين أصبح؟؟ يلعن سوء الحظ الذي اصطفاه دون غيره من فطاحل المنظومة، ليصير بقرة وقعت وكثرت فوقها السكاكين. وللحلفاء حصّة أكبر في سلخ جلده من حصّة الخصوم.

 

يتابع الغناء ويزيد ويعيد: “إنّي أتنّفس تحت الماء..إني أغرق..أغرق .. أغرق”.