IMLebanon

عندما لا يتدخّل باسيل

 

هل يمكن لأيّ كان أن يتخيّل مسار الأمور في لبنان عندما لا يتدخّل رئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل، المُمعِن في شلّ الحياة السياسية؟

 

ما الذي سيتغيّر حينها؟ أو هل سيتغيّر شيء؟ إلا إذا كنّا نصدّق أنّ الصهر العزيز يتحرّك وِفق حساباته الخاصة؟

 

بالتأكيد لا. فالرجل المدرج إسمه على لائحة العقوبات الأميركية بتهمة الفساد لا يستند الى قوّته في الساحة المسيحية لتنصره في مظلوميته، وتبرّر له كلّ هذا التعطيل في سعيه لردّ اعتبار شخصه الكريم.

 

وبالرغم من نكبته بالعقوبات، هو يعلم أنّ لديه الضوء الأخضر ليصول ويجول، لذا توجّه الى بكركي بعد لقاء الراعي برئيس الجمهورية ميشال عون، ليصوِّب البوصلة بإتجاه تحسين شروطه، حتى ينال ما يعتبره حقّه من المحاصصة في هذه المنظومة الحاكمة تحت شعار حقوق المسيحيين.

 

ولكن ماذا بعد تحديد البطريرك الماروني أنّ المطلوب “حكومة غير سياسية وغير حزبية، لا محاصصات فيها ولا حسابات شخصية ولا شروط مضادّة، ولا ثلث معطلاً يشلّ مقرّراتها”؟

 

فِعلياً، لا يهم ّماذا بعد عناد باسيل وإصراره على نسف الإيجابية التي كان يعلنها الحريري عقب كلّ اجتماع مع عون في إطار التشاور لتوليد حكومة المهمة.

 

المهم ماذا يحصل عندما لا يتدخّل. وماذا سيحصل بعد اجتماع النائب إبراهيم كنعان بالراعي، ومن ثمّ الإعلان عن نيّة عون دعوة الحريري الى القصر لـ”استكمال البحث في سبل إعادة الاعتبار” إلى “منطوق الدستور في تأليف الحكومة بروح التشاور وصفاء النيات بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف”.

 

هل سيسمح من يدعم باسيل بإنقلاب المشهد الذي يسيطر عليه ويحرّك خيوطه الى حيث يشاء من خلال تلزيمه عملية التعطيل؟

 

هل يقتصر سبب الدعم على إيديولوجية الردّ على العقوبات الأميركية التي طاولت الصهر المدلّل، لذا سيواصل “حزب الله” تغطية كل ما يقوم به؟

 

هل يعتبر “الحزب” أنّ باسيل لا يختلف عن مصطفى بدر الدين الذي كان المتهّم الأساسي باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ ووفاءً له بعد مقتله، أطلق اسمه على نصف شوارع مناطق سيطرة “الحزب”؟

 

أم أنّ في الأمر ما يتجاوز مواقف الوفاء التاريخية الى شقّي الداخل والخارج المرتبطين باستراتيجية المِحور مع وصول المنطقة إلى مفترق طرق مصيري؟

 

ففي خضمّ هذا الإستحقاق، لا يهمّ إن كان باسيل، وكيفما تحرَّك، يراكم خساراته، ويثبت الإتّهامات التي تساق ضدّه، كأنّه يستنفد رصيده من المكاسب التي أتاح له تحالفه مع “حزب الله” الحصول عليها ليصل فريقه الى الحكم.

 

والواضح أنّ التعطيل يساهم بإطالة عمر المنظومة التي تعرقل أي مسعى للإستقرار، بحيث يبقى اللبنانيون في جهنّم، ليتمكن المايسترو من تصفية الملفّات التي تزعجه، ويساهم في تسهيل إمساك مِحوره بأوراقه بانتظار التسوية.

 

لا يهمّ كم يطول الإنتظار. وعندما يحين أوانه توضع ورقتنا على الطاولة ليفاوض عليها وِفق مصالحه.

 

حينها، ربّما سنعرف ما الذي سيتغيّر عندما لا يتدخّل باسيل المنكوب بتبعات “الهيلا هيلا هو” التي ألقيت على كتفيه، بالعقوبات التي لا تترك له إلا الغرق أكثر فأكثر في تنفيذ سياسة المِحور، حتى نصل من خلال التسويات الإقليمية الى مصيرنا المحتوم.