IMLebanon

تركيبة جبران باسيل؟!

كان بعد ناقص اللبنانيين انشغالهم الطارئ بموضوع تجنيس النازحين السوريين، بعدما تردد على لسان وزير الخارجية جبران باسيل ان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون حمل معه الى لبنان في زيارته الاخيرة فكرة التجنيس كمقدمة لحل قريب للازمة السورية، فيما اجمع كبار المسؤولين الذين التقاهم المسؤول الاممي على انه لم يتطرق الى هذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد، ما اوحى وكأن الوزير باسيل اراد من اثارة الخبر خلق بلبلة لبنانية لسنا بحاجة اليها، فضلا عن ان ما يتردد في الاوساط الدولية يؤكد بشكل او بآخر قرب حل الازمة السورية، حيث لا يعود من مجال لكلام على التجنيس؟!

اما اذا كان من مجال لاختراع خبر خلافي بين اللبنانيين، فثمة من يجزم بأن امورنا الداخلية لا تحتاج الى مزيد من التباينات مثل تجنيس النازحين ممن بات يشعر  ان دولتهم بحاجة الى من يرمم اركانها ونظامها بعد طول حروب من الصعب على اي كان القول ان امور هؤلاء سائر الى تنظيم تجنيسهم بطريقة او باخرى لاسيما ان من الصعب بل من المستحيل الاتكال على حل لمشكلة النزوح على اساس تجنيس السوريين في الدول التي لجأوا اليها (…)

من هنا يجدر سؤال الوزير باسيل عن مصدر خبر التجنيس طالما ان احدا لم يسمع به سواه. وما يقال عن الخبر اللبناني عن تجنيس السوريين لم يصدر مثله عن النازحين السوريين في كل من الاردن وتركيا، بعكس ما تردد على ان لا مجال لاستضافة هؤلاء بمثابة فرق عملة في مجال حل الازمة السورية مهما اختلفت الاعتبارات، لاسيما ان ظروف لبنان والاردن متشابهة ولا تسمح بتجنيس اي سوري، فضلا عن ان دستورنا يمنع ذلك من غير حاجة الى التوقف عند الحال السائدة في سوريا، فيما السؤال المطروح يتناول من امكن ترحيلهم الى دول اوروبية وليس الى اية دولة عربية!

يقال في المجال العربي بشكل رصين، ان حرب  الاخوان في سوريا قد شارفت على نهايتها وهي مسألة اشهر بوسع لبنان وغيره انتظار بعد الوقت لاتفاق السوريين على نظام حكم جديد، بدليل اقتناع الروس بأن مجالات الحرب لم تعد جائزة، اضافة الى ان موسكو تتطلع الى حلول سياسية – ديبلوماسية في اوكرانيا من الصعب خروجها منها في حال استمرت نظرة الغرب الى خلاف روسيا مع اوكرانيا، وهي امور تحتاج الى ما يفهم منه ان دخولها الصراع العسكري لا يمكن ان يستمر طويلا كما يتصور حلفاء نظام بشار الاسد.

وما يقال عن امكان تجنيس السوريين يقال مثله عن تجنيس اعداد مماثلة من العراقيين، بما في ذلك هناك من يرى مشروع شرق اوسط جديدا ينطلق من تجنيس الفلسطينيين في اماكن تواجدهم في لبنان والاردن والعراق من دون حاجة الى تطوير  الحل في سوريا والعراق ليقتصر على نازحي البلدين فقط من دون تجنيس الفلسطينيين ممن يشكلون مع النازحين السوريين نصف عدد السكان اللبنانيين، ما يعني ان مجالات التجنيس غير واردة مهما اختلفت الظروف والاعتبارات خصوصا تلك التي جعلت وزير خارجيتنا يزعم انه سمع كلاما على التجنيس بعكس كل ما سمعه الاخرون!

والجديد الذي فسره جبران باسيل تجنيسا، هو قول الامم المتحدة بضرورة خلق فرص عمل امام  النازحين السوريين وهناك فرق شاسع بين فرص العمل والتجنيس حيث لم يرد مثل هذا الكلام في كل من الاردن والعراق، ربما لان شيئا جديا لم يفعله لا  بان كي مون ولا اي مسؤول اممي، من بين الذين رافقوا الامين العام للامم المتحدة في زيارته الى لبنان وفي جولته الشرق اوسطية، ومن بينهم رئيس البنك الدولي المكلف توفير المساعدات اللازمة للدول التي تستضيف النازحين من كل من سوريا والعراق؟!

اما بعد، فان مجالات المناكفة الداخلية لا تتطلب اخبارا مدسوسة من جانب اي وزير او مسؤول لبناني، لا سيما ان غياب الوزير جبران باسيل عن استقبال بان كي مون لا سابقة له في مجال الاعراف الديبلوماسية، كونه معنيا مباشرة بلقاء المسؤول الاممي  قبل اي مسؤول لبناني اخر، خصوصا عندما زعم باسيل ان غيابه عن استقبال المرجع الدولي عائد الى وفاة احد اقربائه وهو عذر  اقبح من ذنب حيث كان بوسعه المشاركة في استقبال بان كي مون ومن ثم الانصراف الى القيام بواجباته العائلية – التقليدية.

وما يثير التساؤل عن جدوى قنبلة الوزير باسيل عن التجنيس من غير ان تكون قصته محبوكة سياسيا، لان ما تردد في اعقابها جاء مكذبا للرواية، ولا يعقل ان يصدقه احد بعد ذلك، بمن فيهم زملاؤه في الحكومة الذي  ضجوا من سوء تصرفه ومن نظرته الغريبة الى زيارة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون والوفد الدولي المرافق؟!