IMLebanon

جبران باسيل للرئاسة؟

لا أحق من ميشال عون في الوصول الى القصر الرئاسي في بعبدا. الجنرال خاض حياته السياسية ودمه على كفيه في سبيل لبنان السيد المستقل ودولة الاصلاح. لم يحالفه الحظ الى تحقيق ذلك الهدف بالتأكيد. هذا مجال لبحث آخر، لكنه يبقى أمينا للعناوين التي حولت «العونية» من حالة شعبية طارئة ومحدودة الى تيار سياسي عريض واسع القدرات مستمر بزخم على طول البلد وعرضها، وأضحى نموذجاً لدولة تغييرية تتوزع مراكز القوى فيها نتيجة لانتخابات مركبة، تعتمد النسبية والكوتا النسائية على ما يتمنى اللبنانيون لبلدهم.

ولم يكن الجنرال رجل الحروب والمعارك من التحرير الى الالغاء، بل اكتسب لقب رجل التسويات الكبرى أيضا، من ورقة التفاهم مع «حزب الله» إلى إعلان النوايا مع «القوات اللبنانية» التي خاض ضدها حرب الالغاء.

وبعد التسويات السياسية الأخيرة، وفشل الجلسة النيابية السابعة والثلاثين في انتخاب رئيس للجمهورية، يبدو أن من المستحيل تجاوز الجنرال في مسألة الرئاسة. فمع ترشيح القوات لعون، واستمرار «حزب الله» في دعمه له، وتخندق تيار «المستقبل» خلف سليمان بيك فرنجية، يبقى عون مصراً على ترشحه، وأزمة الفراغ تبقى مصرة على الاستمرار بتوازن دقيق لا يوصل الى حل، وفي الوقت نفسه لا يفجر الأزمة. وصار وصول عون الى الرئاسة أو وصول غيره انجازا تاريخياً بتنا نخشى من أننا من كثرة الاحتفاء به، ستشل البلد مؤسساتيا لفترة تضاف الى العامين الماضيين.

صار من الضروري البحث عن حل يخرق حائط المواقف. وهذا الحل مناط بميشال عون وحده. شرعية عون للترشح تبدأ من كونه الممثل الأول لأوسع تيار مسيحي وماروني تحديداً. زعامته هذه مساوية لزعامة نبيه بري وسعد الحريري على طائفتيهما، تؤهله الى المنصب المخصص للطائفة، اذا ما اردنا التمسك بالميثاقية باعتبارها صمام الأمان الأخير لبلد الطوائف المتناحرة. وهو يستمد شرعيته أيضاً من وثيقة التفاهم مع «حزب الله» التي ارست تحالفاً وطنياً عريضاً أعاد رسم هوية سياسية للبنان فيها الحد الأدنى من التفاهم.

ويبقى السؤال هل هذه الخيارات الوطنية سياسة ميشال عون لوحده؟ أم أنها سياسة «التيار» ومناصريه النهائية؟ اذا كان الأمر كذلك، فربما من المفيد البحث مع الجنرال في مَن يمثل خط «التيار» الى موقع الرئاسة الأولى، ويتجاوز الفيتوات الدولية والعربية والشخصية على شخصه، كما الحال مع الجنرال.

وزير الخارجية جبران باسيل لا شك في سياديته. ومن غير المعروف عنه أنه «يشترى أو يرتعب» بحسب ما حدد من مواصفات الرئيس العتيد، أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله في حديثه الاخير الى «الميادين». ومن السهل على باسيل الحوار المباشر مع «المستقبل» متخففا من أحمال الجنرال. هذا يضع «حزب الله» أمام اختبار جديد: هل تفاهمه مع عون محصور به؟ أم هو تفاهم وطني بين تيارين واسعي الحضور وشرعيي التمثيل؟ وهل الحزب مستعد لتجيير التأييد لمرشح آخر من «التيار»؟ والسؤال الأهم هل يقتنع عون بما حققه من انجازات في تاريخ لبنان ويجير موقع الرئاسة الى من يملك شرعية كاملة في تياره، فيعزز عقلية المؤسسات وتداول السلطة، ولو كانت الى صهره. مواجهة الفراغ تستحق محاولة مجنونة.