تساءل البعض لماذا لم تتضمّن جولة رئيس “التيّار الوطني الحرّ” جبران باسيل التشاورية الأخيرة التي شملت 7 قوى سياسية وصبّت في إطار تحصين الموقف الداخلي تجاه عناوين عديدة مثل التضامن مع الفلسطينيين في غزّة، وحقّ لبنان في الدفاع عن نفسه في وجه أي اعتداء إسرائيلي عليه، والإسراع في تكوين السلطة واعتبار ملف النزوح السوري أمراً ملحّاً، واستعادة حقوقه المشروعة، أي لقاء له مع رئيس “القوّات اللبنانية” سمير جعجع، أو رئيس “الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميّل، رغم تقاطعه معهما على أسم مرشّح المعارضة الوزير السابق جهاد أزعور؟!
مصادر سياسية مقرّبة من “التيّار الوطني الحرّ” أكّدت أنّ باسيل الذي التقى بريّ، ميقاتي، جنبلاط، فرنجية، والنوّاب السنّة دون سواهم، قد طلب لقاء جعجع والجميّل، غير أنّ كلّ منهما ارتأى أن يُستعاض عن هذا الاجتماع الثنائي باستكمال التشاور الحاصل منذ فترة بين فريق “الوطني الحرّ” (المؤلّف من نائبين حاليين ونائب سابق)، ونوّاب المعارضة وعددهم 32 الذين سبق وأن تقاطع معهم على ترشيح أزعور لرئاسة الجمهورية. وقد فضّلا استمرارية تلاقي المجموعتين اللتين تجتمعان بشكل شبه دائم، وتطرحان الكثير من العناوين السياسية.
وبناء عليه، اعتبر “الوطني الحرّ” أنّ نوّاب المعارضة قد وُضعوا في أجواء جول باسيل التشاورية، وإن اختار بعض منهم تغييب دوره اليوم على الساحة السياسية، من دون معرفة أسباب رفض حصول اللقاء، رغم جهوزية رئيس التيّار. ولهذا يُفترض أن يُسأل كلّ من جعجع والجميّل لماذا لم يلبيا دعوة باسيل الى اللقاء رغم تقاطعه معهما على مرشّح المعارضة؟ علماً بأنّ المفاوضات في حينه، قد ساقتها “الكتائب” لتأمين الأصوات للمرشّح أزعور، ولم يرفض “الوطني الحرّ” حصول هذا الأمر.
وفي ما يتعلّق بما صدر عن لسان فرنجية بعد لقاء باسيل عن أنّه متفق بنسبة 99% على المعايير التي جرت مناقشتها خلال الاجتماع تحت عنوان “حماية لبنان والوحدة الوطنية”، وبأنّ باسيل قال له انّه إذا انتُخب رئيساً للجمهورية سيتعامل معه، أوضحت المصادر نفسها أنّ ما أعلنه فرنجية يؤكّد حصول التوافق على البنود التي جرت مناقشتها. أمّا في ما خصّ ما قاله له باسيل بشكل شخصي، فالمجالس بالأمانات. ولكن بدا من الواضح، بحسب بعض المراقبين، أنّ هذا الكلام يُذكّر بما سبق وأن قالته سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا لرئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، بأنّه في حال وصل فرنجية الى قصر بعبدا، فسنتعامل معه على أنّه رئيس الجمهورية اللبنانية.
أمّا لقاء باسيل- وليد جنبلاط، فرأت فيه ردّاً إيجابياً من زعيم المختارة على الخطوة الأولى التي قام بها باسيل، والتي سيستتبعها بخطوات لاحقة، ويستكملها مع من يلزم، من قبله أو من قبل نوّاب “التيّار، ولا سيما مع نوّاب المعارضة بهدف توسيع دائرة التوافق على العناوين الخمسة التي تضمّنتها الجولة التشاورية. والمهم أنّ هذه الاخيرة اظهرت كم أنّ لبنان بحاجة الى التحصين الداخلي ممّا قد يمسّ أمنه وسيادته، وضرورة وضع الخلافات جانباً للحفاظ على الوحدة الوطنية. كما أن الحوار هو البداية لأي حل وضرورة التواصل المستمر بين اللبنانيين.
وفي ما يتعلّق بالعناوين التي جرى التوافق عليها بين باسيل والقوى التي التقاها، تقول المصادر عينها انّه جرى التشديد على ملف النازحين السوريين وضرورة السعي الى إعادتهم الى بلادهم، وربط هذا الملف بأي حلّ أو تسوية مقبلة، كونه يخنق الإقتصاد اللبناني المنهار حالياً بشكل كبير. فأرقام النازحين باتت خيالية، في ظلّ عدم تسليم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان، “داتا” النازحين السوريين الى وزارة الخارجية والمغتربين، على ما وعدت، وهي تؤجّل هذا الأمر في كلّ مرّة تحت ذرائع واهية. وكان آخرها حديثها عن أنّها ستسلّمها الى المعنيين في تشرين الثاني المقبل. فضلاً عن النزوح الجديد من سوريا الى لبنان، ما رفع عددهم الى رقم كبير، وجعلت مسألة إعادتهم الى سوريا أمراً أكثر من ملحّ لكي يتمكّن لبنان من استعادة عافيته اقتصادياً في حال توصّل الى انتخاب رئيس الجمهورية وشكّل حكومة جديدة قادرة على الإنقاذ وتطبيق الإصلاحات الضرورية.