IMLebanon

الجميّل وجعجع: همهمة في الكواليس

ليست العلاقة بين قيادتي الحزبين الحليفين، الكتائب و”القوات اللبنانية” أفضل مما كانت في الأعوام الماضية ولا أسوأ. يحصل بين مرحلة وأخرى أن تطفو على سطحها بين مرحلة وأخرى علامات تبرم وضيق وانتقادات، يسمع بها الناس ويشاهدونها حين أن اهتماماتهم منصبة على مواضيع أخرى، “داعش” و”النصرة” والأخطار المحدقة بلبنان من كل صوب، وأثقال المعيشة الضاغطة على الأسر. يبدو الحديث هنا عن تنافس على أولوية أو رئاسة افتراضية، أشبه بحديث عمن يحق له أكثر في الجلوس بالصف الأول في قرية نائية.

يستحيل في مثل الوضع المقفل تحديد من بدأ بإخراج الجدل الذي كان مخفياً وعلى صفحات “الفايسبوك”. ولكن بمراجعة عجلى للماضي الأقرب يتبيّن أن الكتائبيين لم يخفوا نوعاً من عتب أو انزعاج عندما أعلن رئيس الحزب الحليف برنامج ترشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية من غير تكليف نفسه سؤال الكتائب. سبق الجميع الدكتور سمير جعجع وفرض أمراً واقعاً حين كان الرئيس أمين الجميّل يدرس أمر ترشحه من عدمه ولا يزال. في أحد اجتماعات قيادات 14 آذار وشخصياتها طُرح سؤال عن الموقف في حال أعلن الرئيس الجميّل ترشيحه بعدما تبين أن لا إمكانية لانتخاب من لم يتم انتخابهم وفق تعبيره، وكان الجواب “ستؤيده بالطبع إذا جمع تأييداً لترشيحه من قوى 8 آذار ووسطيين يؤمن فوزه”. إلا أن الرجل أعلن لاحقا أنه يربط مسألة ترشيحه بحل عقدة اكتمال النصاب في مجلس النواب.

قد يكون في محيط رئيس الكتائب، تقول مصادر في قوى 14 آذار، مَن يواظب على الإيحاء أنه قادر بشخصيته وعلاقاته على تغيير رأي القيادة الإيرانية وتالياً “حزب الله” من أزمة رئاسة الجمهورية في لبنان أو أنه غيّرها فعلاً. يبقى أن يظهر هذا التطور الأمر الذي لم يحصل. يقود ذلك إلى الإستنتاج الطبيعي أن ترشيح الجميّل مثل ترشيح جعجع في أفضل الظروف لا يثمر وصولاً أو عودة إلى القصر الجمهوري، والمعادلة نفسها تنطبق على أي مرشح آخر من 14 آذار، . لذلك كان قرار قيادات “التحالف السيادي” بتبني المبادرة التي أطلقها جعجع إفساحاً في المجال لانتخاب رئيس توافقي أو تسوية، على أن يعود الوضع إلى ما كان عليه في حال لم يتجاوب “الفريق الآخر” بقيادة “حزب الله”.

لكن المسألة قد تكون أقرب إلى الإرتباط بالمشاعر الشخصية. في مقابلته الأخيرة مع الإعلامي وليد عبود قال جعجع رداً على سؤال إن الرئيس الجميّل جرّب حظه في الرئاسة. الأرجح أن رئيس الكتائب ردّ عليه الجمعة الماضي حين لم يستثن جعجع من الدعوة إلى سحب ترشيحه، علماً أنه سحبه ضمنا تسهيلاً لحظوظ الحلول. ساواه بـ”المعطّل” وفق أدبيات هذا الفريق، الجنرال ميشال عون. استدعى كلام الجميّل همهمة في الكواليس ورداً من مستشار جعجع العميد المتقاعد وهبي قاطيشا . قال له “ترشح، لماذا لا تترشح؟” . في الأساس وبالمطلق يرى فريق واسع من الكتائبيين بحساسية مفرطة إلى حزب “القوات” وحركة رئيسه الخارج من صفوفهم، فوقية مَن خلفهم تاريخ طويل حيال الطارئ الذي يوسع حضوره ودوره ويخربط ترتيب المقامات. تختلط الأمور هنا فلا تعود سياسة يفعل كل معني فيها ما عليه فعله بل يراقب الآخر بعين مائلة إلى الحمرة. تنتشر معها أخبار تعليقات أقرب إلى كلام أبناء عم وأحفاد يختلفون على قسمة قطعة أرض ورثوها عن جدهم.