يُريد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، أن يحجز لنفسه مقعداً في قطار العهد الجديد. وهو في سبيل تحقيق هدفه «لن يسكت» عن محاولة إقصاء القوات له. حرب الاتهامات والردود بدأت. معراب تستنفر وتهدد، وبكفيا تطالبها بأن «تحلّ عنها»
يُدرك النائب سامي الجميّل أثمان البقاء خارج الحكومة، وخاصة بعد التفاهم بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر. وهو يعرف العقل الإلغائي لرئيس حزب القوات سمير جعجع. زاد من توتره تصميم الأخير على إقصاء كل من لا يُعجبونه عن طاولة مجلس الوزراء.
ولأجل ذلك، قرر الجميّل خوض معركة حجز حصته الوزارية، بشنّ هجوم عنيف (في لقاء مع صحافيين أول من أمس) على رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي «يُحاول عزل حزب الكتائب» وإبعاده من جنّة العهد الجديد. وللمرة الأولى، ينجح الجميّل في استفزاز «القوات» التي ردّت عليه بعنف، طالبة منه أن «يحلّ عنها، لأن مشكلته ليست معها». وقد يكون الوقت أكثر من مناسب اليوم بالنسبة إلى القوات كي «تفشّ» كل غليلها لتصفية حسابات سياسية وانتخابية وشعبية قديمة مع بكفيا. تتصرف اليوم وكأنها «أم الصبي»، وتمنح نفسها حق «الشراء والبيع» في سوق الحقائب الوزارية، ولسان حالها «أنا صانعة المرحلة»، ساعية بذلك إلى «القوطبة» على حصص بعض الكتل المسيحية. في المقابل، لم تبلع بكفيا الثقة العالية التي يتصرف بها جعجع بعدما تعدّى الرجل الخطوط الحمراء. خرج الجميّل شاهراً «مواقفه السياسية»، علّ رئيس القوات «يلزم حدوده».
ترفض مصادر بكفيا تفسير كلام الجميّل بأنه «هجوم»، بل هو «قول الوقائع كما هي». تستغرب «كيف يغرق جعجع في الأسماء والحقائب، ويريد أن يحرمنا حقنا في المشاركة بحكومة وحدة وطنية، ألسنا جزءاً من هذه الوحدة؟». بالوقائع تدحض المصادر اتهامات القوات «نحن أول من طالب القوات المشاركة في حكومة الرئيس تمام سلام، وإدارة الصراع مع حزب الله من داخلها. ونحن كنا أول من طالبناها بالانضمام إلى طاولة الحوار الوطني، يوم اختارت التمايز عن كل المشاركين، فكيف نكون نحن من يريد عزلها كما ادعت في البيان؟». تسخر من المقولة الرائجة هذه الأيام في معراب عن «معارضة العهد»، فنحن «لسنا في نظام رئاسي، كنّا في خصومة سياسية مع الجنرال عون، لكن ذلك لا يمنع من التعاون معه كرئيس للجمهورية». المعارضة تكون في «البرلمان بعد حصول انتخابات نيابية تفرز معارضة وموالاة»، ولا تكون «معارضة لحكومة على رأسها شخص كان بالنسبة إلينا ولا يزال صديقاً وحليفاً». ترفض «الدخول في تجريح شخصي، نحن لم نعتدِ عليهم، ولم نصدر موقفاً سلبياً من مطالبهم، لا في ما يتعلق بالحصص ولا الحقائب. لم نخرج لنقول إنه ليس للقوات الحق في الحصول على حقيبة سيادية، ولا رغبة لنا في الدخول بسجال معها»، والأفضل أن «تحلّ هي عنّا». بالنسبة إلى المصادر فإن «آخر من يحق له الكلام عن المبادئ هو جعجع.
يكفي أنه رفض سابقاً الدخول في حكومات يشارك فيها حزب الله، ما دام الأخير يقاتل في سوريا، فهل انسحب الحزب من سوريا حتى تشارك القوات حكومة ينضم إليها الحزب؟». تعلّق مصادر الكتائب: «نحن ندخل الحكومات ونخرج منها ومبادئنا لا تزال هي نفسها، أما القوات فتدخل إلى الحكومة اليوم وتبقي مبادئها في الخارج».
في الكواليس القواتية مقاربة واحدة لتفسير ما يحاول أن يقوم به الجميّل. مقاربة عبّرت عنها القوات أولاً من خلال ردّ قاس (نشر على موقعها الإلكتروني تحت عنوان «سامي الجميّل… مشكلتك مش عنا حل عن «القوات»») على رئيس الكتائب الذي يحاول «دسّ الشائعات»، مؤكّدة أنه «يحاول إثبات تفوّق مبدئيته على مبدئيتنا». ومن ثم شرحتها مصادر قواتية بشكل موسّع، خلفها الكثير من التفسيرات التي تختزل تاريخ العلاقة بين الحزبين، مضت عليه سنون من «الحقد والنكايات». برأيها «فوجئ الجميل بنتائج رئاسية خيّبت بوصلة أحلامه». لطالما «هدف الشيخ إلى التخلّص من القوات التي تشكل له عقدة أساسية». على ذمة القواتيين «وافق الجميّل ضمناً على التسوية التي كان بإمكانها أن تقود الوزير سليمان فرنجية إلى الرئاسة، كي يكون الطرف المسيحي الوحيد الذي يغطي العهد الجديد، في ظل انكفاء عون ومعارضة جعجع»، ويصبح هو «البديل الوحيد لوراثة الشارع المسيحي». يتصرف الجميّل اليوم «من الخلفية نفسها»، يريد «الدخول إلى حكومة الرئيس سعد الحريري ومهادنة عون لتطويق القوات، ولا يجد سبيلاً لإقناع شارعه بالتنازل إلا بفتح مشكل مع جعجع، والقول بأن هناك مظلومية تقع عليه وعلى حزبه، مبرراً بذلك دخوله إلى الحكومة لقطع الطريق على من يحاول التخلص منه». القوات «مسكر راسها»، ولن تسكت منذ الآن على أي هجوم، خصوصاً أن النائب «الحريص على المسيحيين، وقف ضد المصالحة المسيحية – المسيحية». يخطئ الجميّل بحسب المصادر إذا ظن أنه «قادر على الدخول بين القوات والتيار الوطني الحر». فالرئيس عون «لم ينسَ بعد التصرفات التي افتعلها الجميّل خلال جلسة الانتخاب»، وعليه أن «يعمل للانضمام إلى الثنائية، بدلاً من أن يصبح خارج الحسابات الانتخابية، وبالكاد يجد لنفسه مقعداً نيابياً في المتن»!