عاد رئيس الكتائب امين الجميّل من الجنوب فغادر رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الى السعودية، ليس ثمة ترابط او تقارب في مسألة الزمن والتوقيت الا اذا كانت حكراً على تراكم القضايا بين الحزبين بحيث يبدو المشهد القواتي – الكتائبي متباعد النظرة الى مسائل عديدة يبدو ان التاريخ يلعب دوره في اشعالهما من جديد تحت مسمى التمايز في ادنى حدود الخلاف المعلن على حدّ قول مصادر مسيحية فيما الغير منظور تعرفه القواعد الكتائبية والقواتية على قاعدة ما للكتائب للكتائب وما للقوات للقوات، وتعطي المصادر صورة عن مشهد الحليفين في الساحة السياسية وفق التالي:
– يزور الرئيس امين الجميّل بعد غياب طويل جداً منطقة الجنوب اللبناني على خلفية افتتاح مركز لحزب الكتائب بالرغم من التفاوت حول فعالية هذا المركز مسيحياً ووطنيا، وتتحول الزيارة عن مسارها اقله اعلاميا وسياسيا وفي النتائج لوضعها في خانة التقارب مع حزب الله وحركة أمل، وهذا من حقوق الجميّل في اللعبة القائمة للوصول الى بعبدا على قاعدة الانفتاح وتلبية شروط القوات في استمالة اصوات الحزب للتنازل عن ترشح الدكتور جعجع.
– ويذهب جعجع الى السعودية ليلة عودة الجميّل الى بكفيا على خلفية التشاور مع المسؤولين الكبار في المملكة وطبعاً ليس لمناقشة استقبال النائب سامي الجميّل قبل فترة من قبل السعوديين وعدم معاملته كضيف استثنائي، انما هذه المصادر ترى في وجود الدكتور جعجع في السعودية بناء على دعوة رسمية تواكب معطيات جديدة حول ملف الرئاسة اللبنانية والكلام الذي نقل عن الرئيس سعد الدين الحريري حول انخفاض الحماسة لترشيح جعجع لرئاسة الجمهورية، وفي الحالتين تقول المصادر ان هي الزيارة لاستقراء جديد لموقف المملكة تجاه القوات والملف الرئاسي على حد سواء.
وتستبعد هذه المصادر سؤال السعوديين للدكتور جعجع عن فحوى زيارة الرئيس الجميّل الى الجنوب الا اذا بادر جعجع بالشرح حول دخول الكتائب الى معاقل حزب الله وزيادة حدة تمايزها عن قوى 14 آذار والدلائل متعددة في هذا المجال وتصريح النائب ايلي ماروني بضرورة التنسيق مع سوريا في ملف الرهائن كان الاوضح لناحية الترتيب لخطوات مقبلة نحو الثامن من آذار.
وتقرأ هذه المصادر في زيارة جعجع على انها تحمل ثقلاً من النوعية والكم لحزبه وانصاره ما يؤهله بأن يزيح وينزع المشهد الكتائبي من الرزنامة السعودية الى أمد بعيد ليصبح جعجع المؤتمن الوحيد المسيحي تجاه الحوار مع المملكة ما دامت الكتائب اختارت درباً آخر تحت عنوان الانفتاح تجاه الآخر وهذا ما لم يتمكن احد من صرفه ذلك ان الموقف السعدوية واضح تجاه حزب الله مهما كان التبرير الكتائبي، وفي هذا الزمن العصيب في العلاقات المتوترة بين السعودية وايران لا يمكن معرفة الغضب السعودي على من يمد يده تجاه الحزب حتى ولو كان من خلال زيارة وحيدة لتبقى صورة القوات ناصعة حتى الساعة عند السعوديين في الساحة المسيحية وباتت الرياض بعيدة نسبياً عن فتى الكتائب حتى الامد المنظور.
– لم ترشح قوى 14 آذار يوماً الرئيس امين الجميل لرئاسة الجمهورية تقول المصادرالمسيحية وجل ما حصل عليه جملة شروط على خلفية مواقف الكتائب من ملفات عدة لم تكن متوافقة مع هذه القوى عليها وحتى وجودها داخل هذه القوى لطالما كان مترنحاً خصوصاً ان الجميل يجنح بسرعة نحو الوسطية ومحاولة التقرب من كافة القوى ذلك ان اعتقادها يذهب الى ان رئيس الجمهورية المقبل لن يكون من الفريقين بل سيكون توافقياً او وسطياً ولكن هذه الحسابات لا تلتقي مع بيدر الواقع المعيوش وما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات لا تصب في مصلحة الحزبيين مهما حاولوا تزيين مواقفهم بمواقع سياسية في اللحظات الاخيرة او المشهد الاخير في السباق نحو بعبدا.
– تعتبر هذه المصادر ان زيارة الجميّل الى الجنوب مهما كان الترحيب بها علنياً فان أيدي نواب حزب الله لا تستطيع تنزيل ورقة مكتوب عليها: كتائبي لرئاسة الجمهورية هذا اذا ما استطاعت الكتائب تخطي العماد ميشال عون في علاقاته المتشعبة مع حزب الله والطائفة الشيعية بمجملها وامكانية تراجع السيد حسن نصرالله عن كلامه المؤيد لترشيح عون لصالح الجميل ضرب من الخيال والوهم واحلام اليقظة ذلك ان ما بين عون وحزب الله تكامل سياسي وصولاً الى الوجودي، وحتى لو تنازل العماد عون عن ترشحه فوعد السيد نصرالله يبقى لعون ان يسمي المرشح وهذا عقد يساوي تسمية نصرالله لعون بالذات.
– ان استعداد الدكتور سمير جعجع للقاء العماد ميشال عون يطغى من حيث رمزيته لا نتائجه اية خطوات تقدم عليها الكتائب ذلك ان الكتائب تضيف المصادر، يمكن في حالة ما وضع اسم العماد ميشال عون انما لا تستطيع التصويت للدكتور جعجع رئاسياً، وما اللقاءات التي تتم والغزل القائم بين الكتائب والتيار سوى خير دليل على هذا الواقع القائم، فالعونيون والكتائب تقاربوا يوماً ما في الانتخابات النيابية واستطاعوا تبادل الاصوات الشعبية فيما بينهم فيما القيام بزيارة للرئيس الجميل الى معراب، ومحاولة زيارة جعجع لبكفيا تحتاج لتحضيرات موازية بل اكثر من لقاء عون – جعجع، وتبقي هذه المصادر نتائج زيارة جعجع الى السعودية بمدى اندفاعه نحو زيارة الرابية فاذا حصلت هذه الزيارة تكون الرياض غير ممانعة لدفع اللقاء قدماً الى الامام اما اذا تضاءلت فرص عقد اللقاء بين الرجلين فإن السعودية سوف تكون وراءه ويمكن ان يعمد جعجع بديلا عن رفضه الزيارة علنياً الى الرابية بتصعيد مواقفه تجاه قوى الثامن من آذار وانسحابها على عون بالذات مما يعني ان الزيارة السعودية لجعجع اضافة الى كونها زيارة «رئاسية» الا ان الواضح فيها تناول الواقع المسيحي بصورة اوسع وان جعجع اثبت انه المعول عليه مسيحياً من قبل السعودية.