Site icon IMLebanon

الجميل يستثمر رئاسيا بالدم المسيحي

لم يكن اللقاء بين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية في الاول من امس لقاء الوالد بابنه كون فرنجية ينزل عون بمنزله ابيه، بل كان لقاء قطبين من الاربعة الكبار اذا جاز التعبير مرشحين لرئاسة الجمهورية، افتقدت فيه الحميمية التي كانت تربط بينهما وحل مكانها هواجس وتوجس الطرفين، فالجنرال لم يطرح اسئلة وفرنجية غير متحمس للاجابة كون موقفه واضحا حيال المسألة والمتمسك به حتى النهاية اي انه اذا استنفدت كافة الطرق لوصول عون الى بعبدا، فماذا يمنع وصوله اليها طالما هناك اكثرية تدعم الامر، اضافة ان انها فرصة قد لا تتكرر ويجب التقاطها وفق الاوساط المتابعة للمجريات.

واذا كانت بعض المصادر قد سرّبت ان ثمة عتبا من فرنجية على الاعلام البرتقالي حيال مقاربته مبادرة ترشيحه فان احد كوادر الصف الاول في «التيار الوطني الحرّ» وصف اللقاء باللغز الكبير وان ما اثير خلاله لن يطفو الى العلن الا في مراحل متأخرة، ولكن المؤشرات جميعها تشير الى ان اللقاء لم يكن ودياً كي لا نقول شبه صدامي، لقد كان لقاء سلام وتحية وليس لقاء كلام، وقراءة تقاسيم وجوه الثلاثي عون وفرنجية وباسيل خير دليل على ذلك، لقد ساد الارباك المجتمعين، فكانت الزيارة للزيارة وأخشى ان تكون الزيارة الاخيرة من فرنجية للرابية.

ويشير المصدر الى ان نتائج اللقاء كانت معروفة بشكل مسبق فقد اعلن الغاء اللقاء قبل حصوله بساعات واستمر الامر بالمراوحة بين التأكيد والالغاء الى حد ارتبكت فيه وسائل الاعلام المرئية في نقل الخبر وفي المحصلة ان الجنرال وفرنجية بقيا على موقفيهما، فالاول لن يسحب ترشيحه والثاني ماض في الامر ولن يتراجع قيد انملة، اما ثبات الجنرال على موقفه فيعود الى رهانه على المجريات في المنطقة من جهة وعلى عدم وجود تفاهم اقليمي ودولي على الطبق الرئاسي حتى الآن، ولو ان ثمة مؤشرات تدل على ذلك، لكان السفير الروسي الكسندر زاسبيكين كان قد ابلغه بذلك كون العلاقة بين الرجلين حميمة وصادقة الى حدّ ان احد النواب العراقيين المسيحيين قضى شهراً في بيروت بهدف لقاء السفير الروسي ولم يعطَ له موعد، فشكا همه للجنرال الذي اتصل بزاسبيكين فسارع الاخير الى استقبال النائب العراقي المذكور.

ولعل اللافت في اجندة زيارات الرابية الزيارة التي قام بها امين الجميل واعلن بعدها «ان الامور مش ماشية» واتبعها بحديث لجريدة «الشرق الاوسط» يوم امس لم تعرف اهدافه معتمداً على نبش المآسي محاولاً الاستثمار رئاسياً بالدم المسيحي فقد وصف موقف حزب الكتائب و«القوات اللبنانية» داخل 14 آذار بالاختلاف، فموقف القوات كما قال «نابع من رواسب قديمة وعميقة وعدم ثقة في العلاقة بين جعجع وفرنجية والطابع الشخصي بين الرجلين هو السائد في العلاقة ويتأثر برواسب الماضي اي جريمة اهدن التي وقعت في عام 1978 واتهمت القوات بارتكابها» بينما الصحيح وفق المعارضة الكتائبية ان المجزرة كانت نتيجة قرار مركزي اتخذه المكتب السياسي برئاسة الشيخ بيار الجميّل آنذاك ولم تكن «القوات اللبنانية» قد نشأت، انما كانت المجموعات المسلحة في الحرب الأهلية تنضوي تحت راية الصيفي، وان القوات ابصرت النور في مطلع الثمانينات عندما تم طرح توحيد «البندقية المسيحية».

وتضيف المعارضة الكتائبية يكفي المسيحيون ما هم عليه من تشرذم وفرنجية قد سامح فلماذا يريد الرئيس الجميّل اثارة لوحات سوداوية في توقيت استثنائي لا سيما ان مسيحيي الشرق مهددون بوجودهم اثر اقتلاعهم من العراق ومن المناطق السورية الخاضعة للتكفيريين واذا كان الوصول الى بعبدا من الضرورات التي تبيح المحظورات لدى الجميّل فالمعروف ان اللبنانيين خبروا عهده ولم ينسوا ما حل بهم آنذاك على الاطلاق.