IMLebanon

الجميّل حجّ الى الجنوب من نافذة «أمل» والناس راجعة

لم ينسَ الرئيس امين الجميل طعم الرئاسة، تذوق طبقها اثر اغتيال شقيقه الراحل بشير، ولكنه اذاق اللبنانيين في عهده كؤوساً مرة لم ينسوا طعمها بحسب مصادر مسيحية، سواء على خطوط التماس والجبهات المتناسلة في مواجهة ما كان يمسى آنذاك «بالحركة الوطنية» ام على صعيد الانتفاضات داخل حزب «الكتائب» بعد ولادة «القوات اللبنانية» حيث تقاتل اهل البيت المسيحي حتى الثمالة وسقط لهم شهداء في حروبهم الضيقة اكثر بكثير ممن استشهدوا على جبهات القتال على قاعدة «امن المجتمع المسيحي فوق كل اعتبار».

علاقة الرئيس الجميل مع شقيقه الراحل لم تكن سمناً وعسلاً تؤكد المصادر، بل جمعتهما تجاذبات وخلافات لا تعد ولا تحصى، حيث آثر «العنيد» التحصن بالمتن عبر ثكنات موالية له، خشية ذوبان «الكتائب» في القوات التي خرجت من رحمها، وربما خلافاته المذكورة انسحبت لتطال رئيس الهيئة التنفيذية آنذاك الراحل ايلي حبيقة وحدث عن الود المفقود بينهما ولا حرج، وإثر انتفاضة الدكتور سمير جعجع على «الاتفاق الثلاثي» واخراج حبيقة من «المنطقة الشرقية»، هادنه الجميل على خلفية قلقة ومع نهاية عهده اهداه الجنرال ميشال عون رئيساً للحكومة العسكرية لتشتعل «حرب الالغاء».

اراد الجميل وفق المصادر الرسمية التي واكبت المرحلة من خلال اختيار عون الايقاع بين طرفين ينظران الى الامور من زوايا متناقضة ما يحتم وقوع الاقتتال بينهما بينما كان الجميل في منفاه الباريسي يراقب عن بعد آملاً ان ينهي احدهما الآخر ليبني على الشيء مقتضاه، فهو لم ينسَ كيف اجتمع الطرفان في اليرزة بينما كان في زيارة دمشق محاولاً اقناع الرئيس السوري حافظ الاسد بالتجديد لعهده، الا ان الاسد انهى المقابلة بعدما تسلم ورقة من احد موظفي القصر تفيده بما يحصل في وزارة الدفاع اللبنانية.

انها لوحات من الماضي تضيف المصادر، ركب الجميع «الطائف» وانتهى منفى الجميل وعون وخرج جعجع من السجن، وعاد الاقطاب الثلاثة الى مواقعهم السياسية دون تغيير في القناعات، وحصدوا كتلاً نيابية اثر الانتخابات الاخيرة ستعمر لولايتين اثر التمديد للمجلس النيابي، فالموسم واعد والاستحقاق الرئاسي مؤجل لحين نضوج الظروف الاقليمية حيث تشير علامات الازمنة الى شيء من الحلحلة في هذا الملف، حيث ينتظر الثلاثة على مفترق طرق، فعون مرشح 8 آذار بامتياز وطريق الرئاسة تمر عبر الرابية وفق الفريق المذكور وخصوصاً «حزب الله»، وجعجع مرشح 14 اذار حتى النهاية ولن يتراجع عن ترشيحه الا لمرشح يحمل برنامجه المعروف، والجميل يأمل ان يفسح «الحكيم» له الطريق علماً انه حلم ليلة صيف على خلفية ان الجميّل يتصرف بزئبقية يقلد فيها النائب وليد جنبلاط الذي لا يزال «طاحشا» بالنائب هنري حلو على قاعدة «انا موجود»، فالجميل وفق المصادر يضع رجلا في بور 8 اذار وأخرى في فلاحة 14 آذار مراهنا على ارضاء الطرفين واقناعهما بأنه «مرشح توافقي»، ولكن الطرفين ينظران اليه بحذر وعلى قاعدة «المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين»، وبعدما وزنها الجميل ملياً رأى ان طريق بعبدا تمر بالجنوب برأي المصادر، فاذا كان في حساباته ان الجنرال ثبّت اقدامه من خلال تحالفه مع «حزب الله» بتوقيع «ورقة التفاهم»، فلا ضير في ان يعبر الى المرمح الرئاسي عبر «حركة أمل» لا سيما وان الرئيس نبيه بري غالباً ما يختلف في مقاربة الملفات مع عون، فيمم الجميّل شطر الجنوب في الجولة المعروفة وافتتح بيتاً «للكتائب» متطلعاً الى بعبدا من بوابة الجنوب، الا ان المفاجأة بحسب المصادر، ليست بالحج الجنوبي للجميل في وقت عاد الناس فيه من الجنوب منذ سنين، بل جاءت عبر المملكة العربية السعودية التي وجهت دعوة الى جعجع لزيارتها فلبّى الدعوة حيث التقى ولي العهد الامير مقرن بن عبد العزيز ومدير الاستخبارات محمد بن بندر وتوج زيارته بلقاء حليفه الرئيس سعد الحريري، فهل كانت الدعوة السعودية لجعجع رسالة الى مَن يعنيهم الامر وفي طليعتهم الجميّل، لا سيما ان المملكة لاعب وازن على الساحة المحلية في الاستحقاق الرئاسي، كما انها الداعم الاكبر للجيش اللبناني من خلال تسليمه، وهل زيارات جيرو المكوكية لعواصم القرار في المنطقة مؤشر الى نضوج الطبق الرئاسي، وحتى ذلك اليوم وتلك الساعة تبقى الامور مرهونة بالمفاجآت في منطقة بلغ مرجلها اعلى سقف من الغليان.