الضجيج داخل حزب «الكتائب اللبنانية» يطرق آذان زوار الصيفي ويتردد صداه في بكفيا، فالمناكفات داخل العائلة الجميلية بدأت مع الرعيل الثاني للعائلة على خلفية احتكار السلطة الحزبية بين الشقيقين بشير وامين الجميل إبان الحروب العبثية التي احرقت البشر والحجر، فقد استطاع الراحل بشير الذي انتخب رئيساً للجمهورية واغتيل قبل ولوجه قصر بعبدا، توحيد البندقية المسيحية آنذاك مؤسساً «القوات اللبنانية» التي جمعت تحت لوائها كل الميليشيات المسيحية من «الوطنيين الاحرار» الى «التنظيم» و«حراس الارز» و«الباش مارون» باستثناء كتائب المتن واقاليمه التي بقيت في قبضة امين وقد لقب يومذاك بـ «العنيد»، ومع رحيل بشير خلت الساحة والقصر الجمهوري معاً لمصلحة بكر مؤسس الكتائب وفق الاوساط المواكبة للنبض الكتائبي.
ومع رحيل الشيخ بيار الجميل غابت الهالة القيادية وبدأت التجاذبات سواء على صعيد «القوات اللبنانية» وعلى الرقعة الكتائبية التي ادار شؤونها في تلك المرحلة رئيس من رعيل المؤسس وهو ايلي كرامة، الا ان انشغال الرئيس امين الجميل بشؤون الجمهورية لم ينسه الارث الحزبي كتائبياً وقواتياً حتى نهاية عقده ومغادرته القصر الجمهوري تاركاً الجمهورية للفراغ موكلا رئاسة الحكومة للجنرال ميشال عون فيما يشبه المؤامرة للايقاع بينه وبين رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، وهذا ما حصل وأسس لتاريخ من العداوة بين الرجلين يسعى كل من النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز التواصل والاعلام في حزب القوات ملحم رياشي الى محو اثارها عبر العمل على «ورقة النوايا» بين الطرفين.
وتضيف الاوساط انه مع رحيل الرئيس ا لجميل الى منفاه الباريسي شغل الراحل جورج سعادة رئاسة الكتائب ومن بعده كريم بقرادوني تحت شعار نقل «الحزب من المؤسس الى المؤسسة» الا ان بقرادوني على الرغم من الدهاء الغلامي الذي يتصف به فشل في محو النكهة الجميلية كتائبياً فتقبل وصول الدكتور بول الجميل الى نيابة الرئاسة على مضض، ومع افول الوصاية السورية عاد الرئيس الجميل الى رئاسة الحزب وقد مهد لذلك عبر عملية التسلم والتسليم بين نجله الشهيد بيار الجميل وبقرادوني ليعود الارث الجميلي كاملا الى اصحابه، الا ان ذلك لم يعف الكتائب من «الخضات»، فإذا كان الصراع الجميلي بدأ مع الاخوين الرئيسين فقد انسحب الامر ايضا على ابناء العمل فالخلاف بين الرئيس الجميل وابن عمه الدكتور بول بلغ ذروته لا سيما وان بول ترشح عن دائرة المتن ونال 12 الف صوت وكاد يفوز فيما الرئيس الجميل وجد في هذا الترشيح استفزازا واعتداء على حقه ولو كان في المنفى.
وتقول الاوساط ان صراع الجيل الثاني داخل العائلة الجميلية انتقل الى الرعيل الثالث فالغزل الاباحي لا يتوقف بين النائبين سامي ونديم الجميل والخلاف على اقليم الرميل معروف لدى القاصي والداني وقد انسحب الامر على رودي بول الجميل الذي شغل منصب مسؤول الطلاب في الجامعات في الحزب، كون مواقف رودي تناقض مواقف سامي في مسألة سلاح «حزب الله» الذي لا يوفر سامي مناسبة الا ويهاجمه بينما يرى فيه رودي ضمانة للمسيحيين خصوصاً ان الهجمة التكفيرية اقتلعتهم من سوريا والعراق وتشكل خطرا وجوديا عليهم في لبنان.
وتشير الاوساط الى ان آخر ضجيج كتائبي تمثل بالخلاف بين سامي الجميل ونائب الرئيس سجعان قزي كما انسحب الامر على اقليم زحلة الكتائبي حيث طفا الصراع بين النائب ايلي ماروني ورئيس الاقليم رولان خزاقة على السطح، فماروني مدعوما من زوجة الرئيس الجميل جويس يسعى الى احتكار الحزب في عروس البقاع بينما يدعم سامي خزاقة ويرى فيه الرئيس الجميل المرشح الكتائبي المقبل، وفي غمرة هذه الصراعات سيعقد المؤتمر الكتائبي في تموز على خلفية تسليم رئاسة الحزب لسامي، حيث سيتفرغ الرئيس الجميل للعمل على امكانية وصوله الى رئاسة «المجلس الوطني» لفريق 14 آذار على طريقة الراحل كميل شمعون في رئاسة «الجبهة اللبنانية» في وقت يدعم فيه منظّر الفريق النائب سمير فرنجية وصول فارس سعيد الى هذا الموقع، مع العلم ان 14 آذار بات «آرمة» حيث تبخرت القواعد التي صنعتها ثورة الارز وان «حزب القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل» هما المكونان الرئيسيان للرفيق المذكور، في وقت ان التزام «الكتائب» بـ14 آذار ليس سوى موقف لحظة حيث يسعى الرئيس الجميل عبر النائب ماروني الى التأسيس لحوار مع «حزب الله» الذي كلف الامر للنائب علي فياض.