IMLebanon

الجميّل يرى أفق يالطا جديدة من سوريا “سر بقائنا الحفاظ على التقاليد الدستورية “

يحاول الرئيس امين الجميل اخراج نفسه من اليوميات السياسية الى الدراسات وعلى جدول اهتماماته في “بيت المستقبل” ثلاثة مواضيع مهمة بدءا بندوة هذا الاسبوع عنوانها مشروع الزبداني وما تضمنه من نقل او تبادل سكاني لا يقتصر على هذه المنطقة وحدها ، واخرى نهاية الشهر المقبل تتناول موضوع اللاجئين والنازحين في لبنان والمنطقة ، ثم التحضير لمؤتمر دولي في ايار عن اتفاق سايكس – بيكو تتوسع المشاركة فيه من جانبي الحرب الاهلية السورية الى مشاركين من العراق وفرنسا واميركا وموسكو والعالم العربي. الا ان خطورة التطورات لا تبقي الرئيس الجميل في منأى عن متابعتها بدءا بالاتفاق او التعاون الاميركي – الروسي من اجل فرض هدنة للاعمال العسكرية في سوريا. فهناك في رأيه مقاربتان لما يجري: الاولى تتعلق بالوضع الداخلي حيث ثمة مزايدات انتحارية اذا تطورت الى حرب مذهبية فلا يبقى شيء من لبنان انطلاقا من انه كانت المناطق مفروزة بعض الشيء سابقا لكنها غدت متداخلة بحيث لن تبقى منطقة آمنة في نهاية الامر. لكن في المقلب الآخر يرى الرئيس الجميل في التعاون الروسي الاميركي في سوريا جدية من حيث اظهار الطرفين النية في فرض الهدنة على حلفائهم لان الوضع السوري بدأ يخيفهما .

يستعين الجميل بقول لجورج نقاش ان من يمسك بسوريا يسيطر على المنطقة ولهذا كان مسعى الرئيس جمال عبد الناصر في الخمسينات لانها موقع جغرافي استراتيجي مفتاح بين الشرق الادنى وعلى تركيا وتختزن طاقات. اذا تحقق التعاون الروسي الاميركي ومصلحتهما المشتركة الملحة في وقف الحرب ، في رأيه ،ولم يبرز ما يخربطه لان هناك لدى كثر مصالح متضاربة فان الخطوة التالية ستكون التحضير ليالطا جديدة في ما بينهما واعادة تركيب المنطقة بحيث يبقى للروس طرطوس وقاعدتهم على البحر المتوسط وربما اعطوا الحق في بعض المطارات كما لدى الاميركيين في قطر والبحرين وبعض الدول الاخرى. اعطاء الامتيازات لروسيا سيقابله تحييد سوريا في شكل او في آخر ضمن اطار كونفدرالية اي تبقى موحدة من ضمن فدرالية طائفية واخرى جغرافية. هذا ما يعتقد الرئيس الجميل ان الروس يدفعون في اتجاهه اذ انهم متضايقون من العقوبات كما كانت الحال بالنسبة الى ايران وهم لن يخسروا شيئا بذلك ما داموا يؤكدون حقهم الاستراتيجي في سوريا او في قسم منها. اذا استطاع الاميركيون والروس الذين اعلنوا الاتفاق على وقف النار من موسكو وواشنطن وابلغوه الى الآخرين فان ذلك يفتح الباب امام هدنة مديدة في سوريا بحيث تؤدي الى بحث سياسي اوسع لاحقا. عندئذ ينتقل ذلك في رأيه الى لبنان بحيث يتاح المجال للبحث السياسي فيه. اذا لم يحصل ذلك في سوريا يرى الرئيس الجميل صعبا التوفيق بين “حزب الله” وتيار “المستقبل” اي من جهة اخرى السعودية وايران. اذ ان الامر الوحيد الذي يمكن ان يحدث تهدئة هو ان تستقر الاوضاع في سوريا واذا لم تستقر ويستمر ” حزب الله” مشاركا فيها فمن الصعب ان تستقر في لبنان.

يربط الرئيس الجميل بين المسألتين ولا يرى مخرجا آخر انطلاقا من ان الهدنة بين اميركا وروسيا مؤشر مهم لما يمكن ان يحصل في لبنان الذي هو مرة جديدة اسير هذه المعطيات. والتاثير الايجابي فيه مشروط باطالة امد الهدنة خصوصا ان الروس يبدون اهتماما كبيرا بوضع سوريا ولبنان ويهمهم ان يلعبوا دورا في المرحلة المقبلة ويكون لهم رأس حربة هنا عبر المسيحيين من ضمن تأكيد العلاقات مع المسلمين. وتاليا لا ينظر الى الانتخابات الرئاسية كهدف بحد ذاته بل انها نتيجة طبيعية لما يحصل.

لكن الرئيس الجميل ليس ممن يقولون ان الانتصار في سوريا يحسم الوضع في لبنان لمصلحة فريق ضد آخر رئاسيا. اذ هناك توازن سياسي في البلد على صعيد مجلس النواب، ذلك ما لم يحصل ضغط كبير من الحزب على الحلفاء من اجل التصويت لمرشحه فيغير المعادلة لكن هذا لا يراه الرئيس الجميل حتى الان. اذ في رأيه كيفما اتجه الوضع في سوريا يبقى مختلفا عن الوضع في لبنان. وهناك امر ايجابي حتى في ظل هذه الازمة الدستورية التي يعيشها لبنان اذ ان التمسك بالتقاليد الدستورية اللبنانية منع الانقلاب حتى الان. هناك تقاليد وهناك تمسك باللعبة الديموقراطية وبالنصاب والاكثرية. ولا يمكن اللعب بالتقاليد الدستورية التي هي التعبير عن وضع المجتمع اللبناني والتي تترجم ببعض الاصول الدستورية. وهذا لا يزال سر بقاء لبنان انه لا تزال متجذرة فيه عقود من التقاليد الدستورية والعيش المشترك بحيث يلزم كل فريق ان يخفض سقوفه.

هل يمكن ان ينجح الضغط على الافرقاء في لحظة ما؟ في رأي الجميل ان افرقاء كثر يشاركون في جلسات الانتخاب راهنا لكن حين تصل الامور على المحك ولحظة الحقيقة فان الهدف يبرر الوسيلة وكل واحد سيكون مجبرا ان يحمي نفسه. وهو يستمر في عدم استبعاد المرشح الوسطي لان الترشيحات التي حصلت غير مقنعة على رغم ان الاحتمال يبقى كبيرا ببقاء الترشيحات محصورة بين المرشحين المعلنين راهنا.