«مع الانتخاب بالنصف + 1.. والتشريع من دون المسيحيين خطأ فادح»
الجميل: هذه هي الأسماء الرئاسية البديلة للأقطاب الأربعة
بحيويته المعهودة يستقبل رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل زواره في البيت المركزي للحزب في الصيفي. قبل أن يباشر في الكلام السياسي يتنبه الى أن نص الدستور ليس بحوزته، فيطلب من أحد مساعديه إحضار نسخة منه، ستكون مرجعه في النقاش، ومصدر «الأمان» له.
وانطلاقا من ضوابط «النص»، يرفض الجميل المبادرة التي طرحها الرئيس نبيه بري على طاولة الحوار لعقد جلسة نيابية تحت سقف تشريع الضرورة، مستشهدا بالمادتين 74 و75 من الدستور للتأكيد أن المجلس النيابي يتحول عند شغور موقع الرئاسة الى هيئة انتخابية، يحظر عليها التشريع. ويتابع: النص واضح في هذا المجال، ولا غموض فيه، أما إذا أردنا اختراع قواعد جديدة، فإن ذلك يفتح الباب أمام فوضى الاجتهادات التي من شأنها أن تقود الى مخاطر جمة وأزمات مفتوحة.
ويشير الجميل الى أنه فتش جيدا في الدستور فلم يعثر على أثر لكلمة «ضرورة»، متسائلا: كيف يمكن أصلا تحديد ما هو ضروري وما هو ليس كذلك، ومن يملك أن يقرر في هذا الشأن.
ويعرب الجميل عن اعتقاده بأن بري لن يبادر الى عقد جلسة تشريعية لا تحضرها المكونات المسيحية الأساسية المتمثلة في «الكتائب»، «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية»، لأنه «يدرك المخاطر الشديدة المترتبة على مثل هذه المغامرة، وأنا أظن أنه لن يرتكب مثل هذا الخطأ الفادح».
ويشدد الجميل على ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية فورا، حتى لو تطلب ذلك الاكتفاء بنصاب النصف +1 لعقد جلسة الانتخاب، لافتا الانتباه الى ان المشرع لم يشترط أساسا نصاب الثلثين، ونحن في «الكتائب» تماشينا مع عرف الثلثين مراعاة للاعتبار الميثاقي ولأننا نفضل في المبدأ تأمين أوسع مشاركة في العملية الانتخابية، لكن عندما يُستغل هذا العرف لتعطيل موقع الرئاسة وشل الدولة، فلا بد حينها من العودة الى النص الحرفي للدستور حتى نملأ الشغور، ولو على قاعدة النصف +1.
ويدعو رئيس «الكتائب» مقاطعي جلسات الانتخاب الى الاقتداء بتجربة جده بيار الجميل الذي كان عام 1976 يقود أقوى حزب، ويملك السلاح والتمثيل المسيحي الواسع، وهو بهذا المعنى كان يتفوق على حيثية العماد ميشال عون في هذه المرحلة، ومع ذلك استقل ملالة ليصل الى مقر مجلس النواب في ساحة النجمة وينتخب الياس سركيس رئيسا للجمهورية.
ويلفت الانتباه الى أن عون يرتكب بمقاطعته خطأ كبيرا بحق لبنان، ولومي على الدكتور سمير جعجع انه يدعم الجنرال، برغم انه يعطل الاستحقاق الرئاسي. ويضيف: كيف يؤتمن على الدستور من ليس مستعدا لتطبيقه، أقله بحضور جلسات الانتخاب، وأنا أعتقد أن حظوظ عون والنائب سليمان فرنجية في الوصول الى رئاسة الجمهورية أصبحت معدومة تقريبا، بعدما أخذا فرصتهما من دون نتيجة، ولذلك أدعو الرئيس سعد الحريري الى سحب ترشيحه لفرنجية والدكتور جعجع الى سحب ترشيحه لعون، بعدما أثبتت كل هذه المبادرات والمناورات عجزها عن إنتاج رئيس.
ويستهجن الجميل كيف أن الحريري وجعجع يهاجمان سياسات «حزب الله» ويتهمانه بتعطيل انتخابات الرئاسة، ثم يدعمان مرشحين حليفين للحزب، لافتا الانتباه الى أن وثيقة إعلان النيات وورقة النقاط العشر التي بنى عليهما جعجع تأييده ترشيح عون انتهتا عمليا ولا مكان لهما في السلوك التطبيقي، لأنهما تنصان على الالتزام بالدستور الذي لا يتقيد به الجنرال بفعل إصراره على الاستمرار في مقاطعة العملية الانتخابية.
ويستغرب الجميل حصر الترشيحات بالأقطاب الأربعة، داعيا الى فتح الباب أمام خيارات أخرى وآفاق أوسع، متسائلا: لماذا لا نتخلى عن أنانياتنا ونعطي فرصة للأوادم من الشباب أو أصحاب الطاقات في المجتمع المدني، فننتقي لموقع الرئاسة شخصية مثقفة ونظيفة وحيوية ووطنية وغير مرتهنة للخارج، بدل أن نظل رهائن للقوالب الجامدة والصيغ المعلبة؟
ويتابع، معدداً بعض الأسماء: أين المشكلة على سبيل المثال لا الحصر في زياد بارود أو نعمت افرام أو روجيه ديب أو صلاح حنين أو حتى العميد المتقاعد شامل روكز الذي يحظى بشعبية واسعة وهو محبوب، ولم يتلوث بوحول السياسة؟
ويرى الجميل أن الحيثية التمثيلية لهذه النوعية من المرشحين يمكن أن تتأمن بمجرد أن تدعم الأحزاب المسيحية إحدى تلك الشخصيات أو من يشبهها.
ويعتبر الجميل أن «حزب الله» يستطيع المساهمة في الإتيان برئيس يضخ الأمل في المستقبل أو المساهمة في استكمال التدمير الذاتي للدولة، ملاحظا أن هناك مفارقة في موقف الحزب الذي بات مخيرا على الصعيد الرئاسي بين اثنين من أقرب حلفائه، وبمباركة خصومه، في أفضل سيناريو له، ومع ذلك لا يزال يؤخر إنجاز الاستحقاق، ما يوحي بأنه يتطلع الى أبعد من الرئاسة.
وبالنسبة الى فضائح الفساد، يرى الجميل ان مواجهتها العملية تكون بسلوك طريق الدعاوى القانونية، كما فعلنا في ملف النفايات حيث سنجرجرهم جميعا الى القضاء الواحد تلو الآخر، مستهجناً أن يتبادل وزيران في الحكومة الاتهامات بالفساد من دون أن يعتبرها القضاء إخبارا يستحق التحقيق والتدقيق، ومبدياً خشيته من أن تنتهي الأمور بتبويس اللحى، مع ما يشكله ذلك من إهانة للشعب اللبناني.
وكان الجميل قد التقى أمس وفدا من رابطة متخرّجي كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية برئاسة عامر مشموشي.