في لبنان هناك مرافقون أكثر مما هناك شخصيات، تماماً كما هناك شركات أمنية أكثر مما هناك أمن، فلا أحد يستطيع أن ينقذ أحداً أو أن يُعبّر أحداً.
لكن القصة ليست هنا بل في استغلال أي حادثة وكأن الشخصية هي المخططة لحادثة ما، وكأن ليس هناك على مساحة الوطن أناس غير منضبطين.
من طريق المطار الى الأشرفية، لم يكن الخلاف على تقويم الملف النووي، ولم يكن الخلاف على آلية ادارة جلسات مجلس الوزراء ولا على مناقصات جمع النفايات، كل ما في الأمر ان سائقيْن اختلفا على أفضلية المرور، وبسبب الرؤوس الحامية في البلد استمرا في المطاردة من طريق المطار الى الأشرفية حتى وقعت الجريمة.
السؤال الذي لم يطرحه أحد بعد هو:
ما دخل التيار الوطني الحر الذي ينتمي جورج الريف اليه؟
ما دخل انطوان صحناوي الذي كان يعمل طارق يتيم عنده ولم يعد؟
لكن التيارات لديهم أنصار على طول الوطن وعرضه، ويعدّون بعشرات الآلاف، فهل كل قائد مسؤول عن تصرّفات أي منهم؟ أنطوان صحناوي لديه موظفون يتجاوز عددهم الألف ولديه مناصرون وهناك عائلات تتلقى منه مساعدات، فهل هو مسؤول عن تصرّف أي منهم؟
أنطوان صحناوي يعيش بين لبنان وفرنسا وأكثر من بلد، ما إن يطأ بيروت حتى يحزم حقائبه ليسافر من جديد، إما بسبب تلاحق الاجتماعات وإما لزيارة عائلته. ما علاقته بحادثة أفضلية مرور على طريق المطار؟ لو ان الحادثة حصلت مع مناصري أي فريق آخر هل كان يُدان بهذه الطريقة؟ الى أين يريدون أن يصلوا؟ فاذا كانوا يريدون أن يحققوا العدالة في حق طارق يتيم، فكان الصحناوي أول من دعا الى محاسبة الفاعل واتخاذ أقصى الاجراءات تجاهه. من هنا فان أي تأخير أو تلكؤ لا يقع على عاتقه بل على من سيتلكأ كما في حالات مشابهة، لسنا بوارد ذكرها.
ان اليوميات اللبنانية حافلة بمثل هذه الجرائم لكن جريمة الاشرفية صوّرت ونُشرت فأخذت كل هذا البُعد. السؤال: إذا كان صحيحاً انه تم الاتصال بال 112، فلماذا تأخروا في النجدة؟ هل صحيح ان الجريمة وقعت تحت نظر وزير الطاقة أرثور نظاريان لأنه يقيم في الحي، ولماذا لم يتصرّف؟ أليس في المبنى حارس أو سائق لمعالي الوزير؟
هل فات الغيارى الذين تحرّكوا يوم الجمعة في الأشرفية، ان الإنتخابات النيابية ليست على الأبواب وإنّ عليهم أن ينتظروا سنتين؟ ثم مَن قال إن جرائم أفضليات المرور هي ناخبٌ في صناديق الاقتراع؟
رحم الله جورج الريف، وكل هذا التهجّم سيسقط لأنه حين تبدأ التحقيقات مع طارق يتيم سيعترف بأن الحادثة بدأت على أفضلية المرور ولا ثالث له دخل فيها، وسينال الحكم الذي يستحقه.
أما أنطوان صحناوي، الشاب الديناميكي وصاحب المصرف الناجح الذي يعيل المئات علناً والآلاف ضمناً، فمثله مثل أي مواطن ينتظر الحكم الصارم الذي سيكون الرد الأكبر.