IMLebanon

إلى أين يقودنا الجنرال؟!

«لم يتعود العماد ميشال عون في تاريخه العسكري، والسياسي لاحقاً، أن يتلقف الرسائل الواضحة ليعدل من مسار أدائه بشكل لا يجعله يصطدم بالحائط ومعه جمهوره والوطن»، يقول أحد أكثر من خاض الحروب العسكرية إلى جانبه، ومن لازمه في انتقاله من بعبدا إلى السفارة الفرنسية في ذلك الزمن، ومنها إلى فرنسا. 

يضيف: «لا ينبع موقفه هذا من ممانعة، بل من رغبة دفينة في ذاتيته وبما في لا وعيه، تمنعه من القراءة إلا وفق ما يتمنى… وللأسف، دائماً كانت تجري الرياح بما لا تشتهي السفن«.

أحد مستقلي 14 آذار يشارك مثل هذا التقويم الدقيق ويزيد عليه قائلاً: «من يستعيد تاريخ الرجل يدرك، ان الهروب إلى الأمام هو حل قائم باستمرار لدى العماد… ألم يكن ذلك موقفه يوم أراد استعادة هيبة الدولة والجيش عبر ضرب «القوات»؟ كيف لا إذا كان رأسها مطلوباً كشرط لتنصيبه رئيساً؟ فعل ولم ينجح. لم يجاره حافظ الأسد إلا في الأولى: ضرب القوة المسيحية العسكرية، أما الرئاسة فشأن آخر. فكانت حرب التحرير ضد «المحتل السوري». متى؟ يوم تأبط حافظ الأسد ذراع الرئيس الأميركي في حرب العراق!«.

يسترسل المراقب المتمرس في تعداده لهزائم الجنرال، فيذكر كيف «خسر المسيحيون الحرب، والجمهورية. فكان الطائف الذي حاربه من منفاه طويلاً… ليعود إليه ويوجّه رسائل منذ سنة إلى رعاته الإقليميين العرب والهدف واضح… الرئاسة. لم يجبه أحد، فطرح القانون الأرثوذكسي. ليس من رئاسة ضمن الدستور القائم، فلتكن الفيدرالية. ليس من فيدرالية، ولا رئاسة ولا قائد جيش… فإلى الاستفتاء وإلى الشارع مجدداً… لكن ضد من؟ غير مهم«.

يخطئ من ينظر إلى الأمور من باب «الحرب الكونية» على الجنرال. فليس من معركة «كسر عضم« لأحد، وكل ما يجري في الداخل مضبوط. لم يلتق السنة والشيعة محلياً ولا اقليمياً على تفاهم مكتوب، صحيح، لكن من الواضح أنهما التقيا على عدم الذهاب إلى أي تغيير أمني أو عسكري أو حتى سياسي غير مضمون النتائج. ألم يمشِ «تيار المستقبل« و«حزب الله« معاً بالتمديد لمجلس النواب؟ ألم ينقل سفراء الدول الكبرى، لا سيما منهم الأميركي والروسي، الرسائل بـ«ضرورة احترام الاستقرار القائم وعدم توريط البلاد في أي مغامرة لا تعرف تداعياتها وعدم المس بالمؤسسة العسكرية…»؟ ألم يتصل جميع الوزراء باستثناء وزيري التيار «الوطني الحر« بالعماد قهوجي مهنئين، كما اتصلوا للغاية نفسها باللواءين سلمان وخير؟!

يتذكر في مجلسه الضيق، أرثوذكسي كبير رفع الدبلوماسية اللبنانية إلى أرقى المرتبات، انه حمل معه ذات يوم كتاباً في رحلته «المستحيلة» إلى دمشق، مستعيناً به في محاولة منه لفتح كوة في العلاقات اللبنانية – السورية والمسيحية تحديداً، في زمن أسود. لما التقى الرئيس الأسد الأب، قال له بالتحديد: «أنظر ماذا يطلبون. لا يريد الموارنة أن يحكموا الآخرين ولا يريدون، في المقابل أن يحكمهم الآخرون. قد يتخلّون عن رئاسة الجمهورية في لبنان وعن كلّ مراكز القرار، إذا كان الاحتفاظ بها يعني الاحتفاظ بنفوذ أو جاه أو محاصصة أو مغانم. لكنهم سيحتفظون بالرئاسة وغيرها، إذا كان التخلّي عنها يعني التخلّي عن حرّيتهم ووجودهم الحرّ الكريم«.

يومها وأمام ذهول الضيف، فتح الأسد الأب جارور مكتبه رافعاً الكتاب عينه الذي حمله الوسيط اللبناني. كان عنوان الكتاب «الموارنة ماذا يريدون؟« لحافظ أسرار بكركي المونسنيور ميشال العويط.

يقول آخر عمالقة الدبلوماسية اللبنانية: «هل يجوز رفع شعار «استعادة الحقوق المسيحية» بهذا الشكل، بحيث تكون ترجمتها في حالتين لا ثالثة لهما: إعادة الشرعية إلى مجلس النواب في ما لو انتخب عون رئيساً للجمهورية وإعادة الحياة إلى مجلس الوزراء فيما لو عين العميد شامل روكز قائداً للجيش؟! ألم يجد أحداً غير تمام سلام «الداعشي» ليستعيد منه هذه الحقوق؟!».

يقول بألم أحد قادة التيار «الوطني الحر»، ومن الحريصين على المؤسسة الوطنية الجامعة والوحيدة التي بقيت فاعلة، كيف ان «حزب الله» لم يسجل انتقاداً واحداً في حق قائد الجيش، بينما يشن الجنرال حملة غير مسبوقة وغير مبررة على القائد والجيش معاً لأنه من خلال التمديد سوف يبقى العماد قهوجي على لائحة المرشحين الجديين لرئاسة الجمهورية.

يضيف: «جميع الرتب العسكرية التي حصل عليها العماد ميشال عون كانت خلال ولاية مجلس نيابي ممدّد له منذ العام 1976 وحتى العام 1992، وحتى تعيينه رئيس حكومة انتقالية حصل خلال ولاية رئيس منتخب من قبل المجلس الممدد له عينه، وهو اليوم يطمح إلى رئاسة باتت في مهب الريح من خلال مجلس لا يعترف به… فإلى أين يقودنا الجنرال؟!».