على الرغم من أن لا شيء يجمع بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري كونهما من قماشتين مختلفتين، الا ان قدرهما واحد فلا الاول سيعود ثانية الى «قصر الشعب» كما كان يسميه ولا الثاني سيعود ثانية الى السراي الكبير، فالرجلان تذوقا طعم الرئاسة ولن ينسياه وفق الاوساط المواكبة للمجريات فكلام رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط في الاول من امس يثبت ذلك حيث اسف الزعيم الاشتراكي «لازدياد الضعف في صفوف حليفه الحريري» مؤكداً على ان «الاستحقاق الرئاسي لن يتحقق في المدى المنظور» على الرغم من ان الظروف التي توفرت لهما ليشكلا «تسونامي» على الساحة المحلية عبر تياريهما الفتيين اي «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» الا انهما فشلا في ان يكونا بديلاً للاحزاب التاريخية.
وتضيف الاوساط ان «تيار المستقبل» الذي بلغ ذروة مجده مع مؤسسه الشهيد لم تتوفر له مقومات الصمود لعدة اسباب يأتي في طليعتها الفارق الكبير بين شخصية الوريث وشخصية المؤسس فقامة الشهيد الحريري لا تقاس بقامة نجله الرئيس سعد الحريري اضافة الى ان مقتل التيار الازرق تكمن في عدم ارتقائه الى درجة حزب يمتلك هيكلية حزبية ونظام داخلي، ناهيك بابقائه في قبضة العائلة لجهة توزيع المسؤوليات، ولعل اكثر ما اصاب من «المستقبل» مقتلاً انه استعمل المال السياسي لجذب القواعد الشعبية ولكن فقط في فترة الاستحقاقات النيابية التي تحولت مواسم مزدهرة لدى الفقراء في الاحياء والبلدات الفقيرة، وجاء افلاس «سعودي اوجيه» ليشكل اخر مسمار في نعش التيار الازرق، لتولد على اطرافه «حالة حريرية» يسعى الى كودرتها وزير العدل اشرف ريفي الذي اعلن انه سيخوض الانتخابات النيابية في معظم المناطق المحسوبة على «تيار المستقبل» بعد اكتساحه بلدية طرابلس، اضافة الى اقالة واستقالة النائب خالد ضاهر الذي يمثل حالة لا يستهان بها في المناطق التي كانت تشكل خزاناً طبيعياً للتيار الازرق.
وتشير الاوساط الى ان وضع «التيار الوطني الحر» يوازي «المستقبل» في سرعة الانحسار كما ان الاسباب التي ادت الى سوء حاله تشبه في كثير من وجوهها الاسباب التي ضربت «المستقبل» فالبرتقالي لم يتحول الى مؤسسة او الى حزب من اجل الابقاء على امتيازات العائلة وجاءت عملية التوريث لتشعل حرباً داخل «التيار» بعد انتفاضة الكوادر على رئيسه الوزير جبران باسيل وطرد ابرز مناضليه من زياد عبس الى نعيم عون وطوني نصر الله وكل من وقف في وجه باسيل والمعروف ان الثلاثي المذكور اعطى «للتيار» ما لم يعطَ، ناهيك بتحول «التيار» من تيار شعبي يعتمد على الشباب والمتقاعدين العسكريين الى تيار الاثرياء من رجال المال والاعمال اضافة الى رفض مناضليه التاريخيين حصر المكاتب الوزارية والنيابية باصحاب الجيوب المنفوخة علماً انهم اصحاب الاحقية فيها.
ولعل اللافت وفق مصادر المعارضة البرتقالية ان الذين شغلوا ويشغلون المواقع في السلطة من وزراء ونواب برتقاليين لم يقدموا للقواعد الشعبية اي خدمة بحجة انهم ليسوا معقبي معاملات والمضحك – المبكي وفق المعارضين ان الميثاقية والوطنية لديهم تعتمد على قياس مصالحهم فقط واذا كان باسيل يهدد بالنزول الى الشارع في 28 ايلول موعد الجلسة التي تحمل الرقم 45 والتي ستلتحق بسابقاتها فان النزول الى الشارع كفيل باحراق ما تبقى من «التيار» وليس البلد الا ان الخطورة في مواقف باسيل اعتماد خطاب يدعو الى الفيديرالية مناقضاً كلام عون المعروف «لبنان اصغر من ان يقسم واكبر من ان يبتلع».