اما وقد حسمت معركة رئاسة الجمهورية باختيار الاكثرية رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، فان المعارضة قد تحددت بكتلة التنمية والتحرير بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه بري وبعض المستقلين لكنها لن تكون فاعلة لانها اقلية ولن تؤثر في المجريات السياسية الا بشكل طفيف، لا بد وان يعتبر من ضمن اللعبة الديموقراطية التي تكمل حياتنا الدستورية.
لكن يبقى القول ان السلة التي اقترحها الرئيس بري لم تثبت فاعليتها، الا في حال تقصد حصول معارضة لا تعرف من اصول اللعبة سوى الاعتراض لمجرد الاعتراض؟!
من حق كل من لا يرى حلا رئاسيا في وصول الجنرال الى قصر بعبدا ان يجاهر بمعارضته غير ان ذلك لن يصل الى حد تعقيد الحياة السياسية كما هو حاصل الان، من شد حبال باكثر من اتجاه، من غير ان يعني ذلك ان الذين غيروا رأيهم في موضوع ملء الفراغ الرئاسي قد حققوا غايات سياسية ووطنية في وقت واحد، خصوصا ان بديل عون لن يكون افضل حالا اذا وصل الى قصر بعبدا، طالما انه سيكون مكبلا باكثرية معارضة لا بد وان يفهم منها ان الامور سائرة باتجاه المزيد من انهيار مؤسسات الدولة.
لقد قيل الكثير عن ان الجنرال لن يصل الى قصر بعبدا، لانه عجز عن جمع اكثرية نيابية، فيما اكد زعيم الاكثرية النيابية الرئيس سعد الحريري انه جدير بان يقود البلاد بالاتجاه الذي يخدم المصلحة العامة لذا فانه بدل في خياره بين رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية بنده العماد عون والشيء بالشيء يذكر بالنسبة الى رئيس اللقاء الديموقراطي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي فهم اللعبة وسارع الى كشف الاوراق التي تحتم عليه ان يكون مواليا مثله مثل بعض النواب المستقلين الذين قيل عنهم في السابق انهم لا بد وان يلعبوا ورقة المعارضة لتجنب ذوبانهم وهم على ابواب انتخابات نيابية ستكون بمثابة كسر عظم في حال اقر قانون انتخابي جديد؟!
ثمة من يقول في هذا المجال ان الجنرال عون سيكون مطالبا بأن يمسك عصا الرئاسة من طرفها كي لا يتأثر به بعض المعارضين المحتملين، ليبقى على مسافة واحدة من الجميع ويتجنب كل ما من شأنه ان يقال عنه انه وصل الى الرئاسة بقوة عضلاته لاسيما ان جهات محسوبة عليه قالت في صريح العبارة ان بداية حكم عون ستركز على خلق مناخ سياسي ضاغط للتخلص من خصومه وهذا مستبعد تماما »لاننا لسنا في نظام الحزب الواحد ومن الصعب على اي كان ان يلغي احدا من غير حاجة الى التوقف عند اعتبارات الحكم الرصين والواضح«.
غير ان ما هو مرتقب من جانب كتلة التغيير والاصلاح انها ستكون على استعداد لفتح دفاتر المحاسبة السياسية والمالية والادارية ستنطبق مؤسسات الدولة بعد طول تحكم فيها جراء مداخلات سياسية ومذهبية اثبتت فشلها الذريع في اختيار الرجل المناسب للمكان المناسب اضف الى ذلك ان هناك مطالب ملحة مثل تصحيح الاجور ومعالجة مسألة الكهرباء وملف النفايات وتنظيف دوائر الدولة من المئات من الموظفين الفاسدين، بما في ذلك التخلي عن الفائض في ادارات الدولة من غير حاجة الى ان تكون مثل هكذا خطوات بمثابة عمليات انتقام على خلفيات سياسية او دينية؟!
من هنا يمكن القول صراحة ان المطلوب من الجنرال العسكري ان يكون جنرالا في السياسة ولا يتأثر الا بما تفرضه عليه المصلحة العامة، حتى وان كان معظم السائرين معه يتطلعون الى عملية اكل جبنة منفردة من جانبهم، هذا التوجه مستبعد تماما من غير حاجة للادعاء ان بعض المحسوبين عليه قد ابعدوا قسرا عن الوظائف العامة، خصوصا ان الذين كانوا في صف الجنرال قد تعرضوا لاسوأ المعاملة من جهات واجهزة محسوبة على خصومه.
لكن كل ذلك كان من الماضي ولا يجوز بصورة من الصور الاتكال على خطوات انتقامية او ناقصة لاثبات الوجود الذي اثبته عون بحسن سلوكه السياسي ونظافة كفه واعتماده على الاصول القانونية – الدستورية؟!