العماد ميشال عون ليس في احسن احواله إذ تتراكم لديه الملفات الخلافية بدءاً من وضع «التيار الوطني الحر» الداخلي مروراً بمعركة رئاسة الجمهورية وصولاً الى الخلاف الناشئ بين وزرائه وبقية مكونات حكومة الرئيس تمام سلام، فعلى صعيد اوضاع التيار البرتقالي تقول اوساط مواكبة لنبض الرابية لم يكد الجنرال يفكك لغم نسيبه النائب الان عون الذي نازع الوزير جبران باسيل على رئاسة التيار حتى انفجر لغم الرافضين للتوريث وفي طليعتهم ابن شقيقه نعيم عون الذي يعمل مع المطرودين من «التيار» على لملمة صفوفهم لانقاذ ما يمكن انقاذه من المبادئ التي ارساها الجنرال في محاولة لاستعادة «التيار» كونهم كانوا المدماك الاساسي الذي بنى عليه عون امجاده التي باتت عرضة للرياح من كل حدب وصوب ولا سيما ان وراثة باسيل لارث كبير شكلت كارثة على صعيد القواعد البرتقالية التي تتواصل مع الثلاثي عون وزياد عبس وطوني نصر الله لما يشكلونه من رمزية نضالية قارعت اجهزة الوصاية السورية دون ان يرف لهم جفن.
اما علي صعيد معركة الرئاسة الاولى، تضيف الاوساط، فان عون يؤمن بكلام الامين العام «لحزب الله» السيد حسن نصر الله بأن «النصر صبر ساعة» ولكن قلق الجنرال يكمن في ان العمر لا يصبر ولا سيما ان الفراغ في الكرسي الاولى بلغ عامه الثالث وربما يطول لحين نضوج التسويات الاقليمية في ظل المتغيرات الغامضة واختلاط ايراني ـ تركي وسوري في لعبة الامم حيث جمعت هذه الخلطة الخشية من قيام كيان كردي، في الشمال السوري قد يتمدد الى تركيا وربما الى ابعد منها، واذا حصلت معجزة سرعت سلة الحلول فان لا شيء يطمئن عون بوصوله الى القصر الجمهوري ولا سيما ان ترشيح الرئىس سعد الحريري للنائب سليمان فرنية لا يزال قائما وحتى ولو تخلى الحريري عن مبادرته فان فرنجية ماض في ترشحه ولو بقي نائب واحد الى جانبه وفق الموقف الاخير الذي اطلقه بعد زيارته الى عين التينة ولقائه الرئيس نبيه بري.
وتضيف الاوساط ان موقف فرنجية من مسألة الرئاسة تعدى الناحية السياسية الى ناحية شخصية اثر زيارته الى باسيل في البترون وما احاط بها من امور ازعجت فرنجية وباعدت كثيرا بين الطرفين في ظل الكلام الذي يسوقه في الحلقات الضيقة انصار الطرفين، اما على صعيد موقف بري ورئىس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط فان الرجلين يدعمان فرنجية في معركته الرئاسية وقد ابلغ بري باسيل في احد اللقاءات انه لن ينتخب عمه الجنرال كونه طعن في التمديد للمجلس النيابي واعتبره غير شرعي، فكيف يقبل عون في انتخابه رئيسا للجمهورية من قبل مجلس لا يعترف بشرعيته الدستورية.
وتشير الاوساط نفسها الى ان العلاقة بين التيارين البرتقالي والازرق وان حافظت على شعرة معاوية لكنها لن تثمر تراجع الحريري عن موقفه ناهيك بالسعودية التي ترى في وصول عون الى بعبدا وصول «حزب الله» اليها في ظل تصاعد الخلاف السعودي ـ الايراني، وربما موقف «المستقبل» الغامض والذي يرمي التهمة بتعطيل الرئاسة على «حزب الله» دفع الجنرال بالتصويب عليه من الباب الحكومي الواسع على خلفية الميثاقية، علما انها تأمنت بحضور الوزراء المسيحيين الجلسة الحكومية الاخيرة وبمباركة من بري الذي يشكل حائط دعم لها كون استقالتها او «فرطها» اذا جاز التعبير يدخل البلد في المجهول وهو امر يندرج في خانة المحظورات ما حشر الجنرال في «بيت الياك» وخصوصا ان حليفه «حزب الله» يدعم بقاءها ولن يساير عون في موقفه الانتحاري اضافة الى ان التصعيد الذي يهدّد به باسيل وصولاً الى النزول الى الشارع يعتبر نكتة سمجة ولا سيما ان ضربة كف واحدة قد تشعل الهشيم اللبناني وتلحقه بحرائق المنطقة.