لا يمكن وصف الجلسة النيابية التشريعية يوم غد الخميس، إلا بجلسة التحديات، نظراً لازدحام المشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول أعمالها، والتي سوف يتم إقرار نسبة كبيرة منها، على حدّ ما كشفت أوساط نيابية مطّلعة، وذلك، مع التأكيد بأن النقاش الذي سوف يدور على هامش هذه الجلسة، لن يقتصر فقط على تفاصيل القوانين المطروحة، بل سيتعدّاها إلى الواقع السياسي العام في البلاد غداة مرور مئة يوم على انطلاقة عمل حكومة التكنوقراط، مع العلم أن ما حفلت به الأيام القليلة الماضية من مواقف سياسية خارجة عن السياق الطبيعي للخطاب المحلي، وخصوصاً ما يرتبط بالصيغة اللبنانية، قد شكّلت مادة دسمة للسجال السياسي بين العديد من القوى المحلية، وستكون حاضرة بقوة في ساحة النجمة من خلال ما سيدلي به العديد من النواب حول هذا الطرح.
وبصرف النظر عن ردود الفعل التي تُطلق حول الفيديرالية أو الصيغة أو اتفاق الطائف، فإن الأوساط النيابية نفسها، قالت أن ما من قرار لدى أي فريق سياسي أو حزبي أو طائفي في لبنان بمناقشة أو تغيير الصيغة الحالية، وبالتالي، فإن التركيز لدى غالبية هذه القوى، وبشكل خاص القيادات الأساسية فيها، يبقى على مواجهة الأزمة المالية والإقتصادية من جهة، والأزمة الصحية الناجمة عن انتشار وباء «كورونا» من جهة أخرى.
ومن هنا، أوضحت هذه الأوساط، أنه من غير المنطقي أن يتم تحويل الأنظار عن هذه الأزمات الخطيرة من خلال طرح معادلات تعزّز الإنقسام بين اللبنانيين، وتزيد من حجم العراقيل أمام مسيرة الإنقاذ من الإنهيار، كما أنها لا تساهم في حلحلة الأزمات التي تتحكّم بالعلاقات السياسية وتجد أصداءً خطيرة لدى القواعد الشعبية في كل المناطق، بل على العكس، فإن المطلوب في هذه اللحظة الداخلية الدقيقة، تأمين مناخ من الوحدة الوطنية القادرة على معالجة الكارثة الإقتصادية التي تضرب البلاد، والتي يجب أن تدفع بكل الأطراف السياسية إلى التخلّي عن أية أجندات أو ارتباطات خارجية، والعمل معاً من أجل الإنقاذ.
وفي هذا الإطار، توقعت الأوساط نفسها، أن يشكل اقتراح قانون العفو الشامل مادة للجدل بين النواب، خصوصاً بالنسبة إلى بند الإعفاء عن المبعدين قسراً إلى الأراضي المحتلة، وهو ملف حسّاس للغاية، ويتطلّب عناية دقيقة، إذ أن العفو العام يجب أن يراعي كل الأطراف وليس فقط الأطراف السياسية المستفيدة منه، كما أن كل الملفات التي تعود إلى فترة الحرب يجب أن تُقفل، وبالتالي، من الضروري أن يتم طي صفحة كل الذين اضطرتهم الظروف القاهرة والأمر الواقع الذي كان قائماً في الجنوب، إلى اللجوء إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا سيما بالنسبة للذين ذهبوا قسراً وليس بإرادتهم الخاصة، وذلك مع استثناء كل الذين ارتكبوا الجرائم التي لا يجوز أن يشملها العفو العام، وذلك شأنهم شأن الذين اقترفوا الجرائم بحق الجيش اللبناني. وشدّدت الأوساط النيابية نفسها، على أهمية طي هذه الصفحة على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»، مركّزة على وجوب أخذ كل العوامل المحيطة بالظروف الصعبة التي دفعت هؤلاء إلى ترك أرضهم خلافاً لإرادتهم.