Site icon IMLebanon

الجنرال وحقوق المسيحيين: الآن.. وإلا فات الأوان!

الجنرال وحقوق المسيحيين: الآن.. وإلا فات الأوان!

عون يواجه محاولة إبعاده الى «المنفى».. الداخلي

ربما تكون لدى بعض أصدقاء ميشال عون وحلفائه ملاحظات على طريقة إدارته لمعركة ملف التعيينات الأمنية منذ طرحه على بساط البحث.

وربما هناك من يعتقد أنه كان من الأفضل على «التيار الوطني الحر» ان يتلقف فرصة طرح وزير الدفاع أسماء لمركز قيادة الجيش، خلال جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، حتى يخوض في نقاش تفصيلي حولها، ويدفع إما في اتجاه التوافق أو في اتجاه التصويت على اسم العميد شامل روكز الذي كان سيحظى بنسبة لا بأس بها من الأصوات، بدءا من صوتي وزيري حركة «أمل»، بحيث ان الممتنعين أو المعترضين كانوا سيصابون بالإحراج وسيتحملون مسؤولية الدفع نحو التمديد للقادة العسكريين وتفاقم الأزمة.

وربما يعتبر معارضو الجنرال ان عون ليس بحاجة الى خصوم لكسره، لأن سياساته برأيهم كفيلة بأن تأخذه الى المأزق من دون حاجة الى جهد منهم.

وربما يفترض محبو الجنرال أنه فعل كل ما يمكن فعله ووجه كل الرسائل الممكنة، سياسيا وميدانيا، لتبرئة ذمته وإلقاء الحجة على الآخرين، محاولا بكل الوسائل نصح الشركاء في الوطن بعدم الانزلاق الى المحظور والإمعان في تهميش المكون المسيحي الاساسي، فرفع الصوت عاليا من منبر الرابية، وشاكس داخل مجلس الوزراء الى حدود المخاطرة بالحكومة، وطلب من جمهوره التحرك في الشارع لضمان وصول صدى الاحتجاج الى مراكز القرار.

ربما.. وربما.. لكن الاكيد ان هناك ظلامة لاحقة بالمسيحيين، دوراً ووزناً، بمعزل عن سلوك ممثليهم الحزبيين، واين أخطأوا وأصابوا، كما تؤكد مصادر سياسية خبيرة في التركيبة اللبنانية وتوازناتها.

وتعتبر المصادر المعروفة بمقارباتها الموضوعية أنه يجب الإقرار بأن المسيحيين يواجهون مأزقا بنيويا حادا يتمثل في مجموعة من المستحيلات: استحالة عودتهم الى زمن ما قبل «الطائف»، واستحالة قبولهم بالواقع الذي أفرزه «الطائف» على مستوى المؤسسات والصلاحيات، واستحالة قدرتهم على ضمان حقوقهم في أي معادلة جديدة قد تقوم على أنقاض «الطائف».

وفي إطار رسم الواقع المسيحي المرير، تلفت المصادر الانتباه الى انه ليس أمراً بسيطاً أن يبدو الزعيم المسيحي الأول في لبنان والشرق وصاحب الكتلة النيابية الاكبر في مجلس النواب «مكبلا» الى حد عدم تمكنه من فرض اسم قائد للجيش أو منع التمديد للقادة العسكريين.

وليس بسيطا كذلك – وفق المصادر – أن يبدو البطريرك الماروني الذي أعطي له مجد لبنان عاجزا عن التأثير في مسار الأحداث على الرغم من غزارة الطروحات وكثافة الحركة، وها قد مضى عليه أكثر من سنة وهو يصرخ مطالبا بانتخاب رئيس للجمهورية، من دون أن يكترث أحد، أو يقيم وزنا لموقف بكركي التي كانت في السابق تستطيع بإشارة أو بيان ان تضع بصمتها على المشهد السياسي.

وليس بسيطا أيضا – تتابع المصادر – ان يصبح موقع قائد الجيش الماروني عرضة للتجاذب السياسي والاستهلاك الإعلامي الى هذا الحد، متأرجحاً على مدى أشهر بين التمديد والتعيين، حتى فقد بعضا من بريقه وهالته.

وتكتمل دورة هذه المفارقات، مع لحظ ان عون هو حليف لواحدة من بين أهم القوى الاقليمية، لا اللبنانية فقط، أي «حزب الله». ومع ذلك، فإن هذا التحالف الاستراتيجي، ليس كافيا، برغم وزنه النوعي، لينتزع الجنرال قائدا للجيش في إطار المحاصصة التقليدية، في تعبير واضح عن القدرة الهائلة للنظام على فرض قواعد لعبته.. وألاعيبه.

وليس أدل على هذه الحقيقة من ان «حزب الله» قد يكون أقوى تأثيرا في سوريا وفلسطين والعراق واليمن، منه في دهاليز النظام الطائفي في لبنان حيث يتحول الحجم الى مجرد حصة، والوزن الى مجرد رقم، تحت سقف المعادلات الداخلية المعقدة.

وأمام هذا الواقع، يؤكد أحد قياديي «التيار الحر» انه «إذا لم يتمكن الجنرال القوي مسيحياً، والمتحالف مع حزب الله، من تحقيق الشراكة الحقيقية في هذه اللحظة السياسية المفصلية، فإن هذا يعني ان وقتا طويلا سيمر قبل أن تعود أو تعوّض الفرصة، مع ما يرتبه ذلك من استمرار التهميش والإقصاء للمسيحيين».

ويلفت القيادي الانتباه الى ان هناك من يسعى الى تكرار تجربة إبعاد عون الى المنفى، مع فارق وحيد هذه المرة هو ان المنفى داخلي، «لكن فات أصحاب هذه المحاولة أن ما كان يصح في الماضي لن يصح الآن».