Site icon IMLebanon

الجنرال عون… الشيء ونقيضه في آن؟!

قد لا يحتاج أي مراقب مدقق لما يجري على «الساحة المسيحية» – المارونية تحديداً) الى كثير من الجهد ليدرك ان رئيس «التيار الوطني الحر»، (رئيس تكتل التغيير والاصلاح») النائب ميشال عون في أزمة غير مسبوقة في نتائجها المباشرة والبعيدة المدى، وهو يرى «تياره» و«تكتله» الى مزيد من الضعف والتراجع الشعبي والسياسي، وهو غير القادر على توفير الحد الأدنى من الوعود التي راكمها أمام شعبيته على مدى السنوات الماضية، وتحديداً منذ عودته الى لبنان من «هجرته القسرية» – محمولاً على الأكف – التي أعقبت هزائمه المتتالية على «الجبهات العسكرية» في الداخل اللبناني واضطراره اللجوء الى السفارة الفرنسية، بعد ضربة القصر الجمهوري…

الواضح ان ليس من ثوابت نهائية، والقوى السياسية والحزبية المارونية التي ناصبت الجنرال وناصبها الخصومة والعداء وتحجمت، تستعيد على نحو لافت حضورها السياسي والشعبي، الذي سيكون بالتأكيد على حساب جنرال الرابية، الذي بات في وضع مأزوم، يعبر عنه في هذه اللهجة التصعيدية العالية وتقديم نفسه على أنه «منقذ المسيحيين» من الأخطار التي تهددهم، على جميع المستويات، في الدور كما في نوعية الوجود والمشاركة في صياغة المصير الوطني…

على ما يظهر فإن الجنرال عون، يعتقد ان اللجوء الى هذه اللهجة التصعيدية والتهديد بالنزول الى الشارع، كافية لتعيد الحياة الى دوره، ولتحافظ له على موقعه الذي لم يعد كافياً لتقديم نفسه على أنه «الممثل الشرعي والوحيد» للموارنة في لبنان، والقادر على فرض كلمته… وهو الذي دأب منذ فترة من الزمن على دعوة أنصاره الى زيارة الرابية، ويطل على اللبنانيين عبرهم، بلهجة غير مسبوقة، اعتقاداً منه، أنها قد تكون كافية لارسال رسالة واضحة، الى كل من يعنيهم الأمر، من حلفاء قبل الخصوم، «اننا هنا» فعلى امتداد فترة الشغور في سدة رئاسة الجمهورية، كان الجنرال، ولايزال يعتقد جازماً ان لا خيار بديلاً عنه، أي كان هذا الآخر… وهو يرفض ما يتردد في غير ناد سياسي، أنه لم يعد الرجل المؤهل لهذا الدور، لأسباب عديدة، يتداخل فيها الداخلي اللبناني، مع الاقليمي والدولي والعربي… لاسيما وان رئيس الجمهورية (المسيحي – الماروني) ليس رئيساً للمسيحيين الموارنة، بل هو رئيس لجمهورية كل لبنان واللبنانيين على تعدد وتنوع طوائفهم ومذاهبهم… وهو على ما يبدو أدرك هذا الواقع، فعاد وقدّم نفسه على أنه مشروع رئيس «توفيقي» لا «توافقي»؟!. وله وزن يستخدمه، في أي استحقاق… مدعوماً من «حزب الله» الذي أكد على لسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، وبالفم الملآن: عون رئيساً… او الفراغ لاجل غير مسمى»؟!

اعتقد البعض ان اعلان «حزب الله» ساعد في اعادة ضخ شيء من القوة في الجسد العوني الثمانيني… لكن آخرين أدركوا ان ذلك زاد من إضعاف الجنرال في بيئته، كما على المستوى اللبناني والعربي والدولي… وأدرك أنه وصل الى ما يشبه الحائط المسدود، بعدما تبخرت كل «الالتزامات الشفهية» السابقة مع بعض القيادات الداخلية المحتضنة عربياً…

صعّد عون من لهجته، وأخذ «الميثاق» و«الدستور» و«الطائف» و«حقوق المسيحيين» مادة يتلطى خلفها، وهو قصد من ذلك في المقام الأول، احراج «القيادات المسيحية»، الذين برأيه سيجدون أنفسهم في موضع أكثر حراجة، وهم «نائمون» وقد سلموا أمر الرئاسة الأولى الى الآخرين، يحددون من هو الرئيس، وما هي صفاته ومواصفاته والامكانات التي يجب ان يكون عليها ليكون مقبولاً… «الرئيس الصورة». كما قصد ضبط شارعه الذي بدأ يتسلل منه كثيرون باتجاه أحزاب وقوى بدأت تستعيد نشاطها وعلى نحو لافت… وهكذا وصل عون الى قناعة. «كل رئيس منتخب من خصومه السياسيين لا يمثل المسيحيين…» وعلى قاعدة «الشيء

 ونقيضه» يمضي الجنرال عون ليعلن وبالصوت العالي: «نحن نريد رئيساً يساعد على حل الخلافات ليجمع المواطنين تحت اسم الوحدة الوطنية…» وهو الذي قال قبل ساعات «ان تيار المستقبل وقوى 14 آذار يسعون لفرض الرئيس الذي يريدونه (سمير جعجع من دون ان يسميه) وهذا الرئيس لا يمثل المسيحيين». الأمر الذي يضع «اعلان النيات» عند امتحان حقيقي؟!

اللافت أكثر، ان رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» لا يجد حرجاً في اعلانه ان يكون «الشغور الرئاسي مفتوحاً بانتظار انتخابه رئيساً» وهو يرفض حتى كلمة «أتنازل» لأنه عندما يقول «بتنازل» تكون طارت الرئاسة…؟!

يضع عون الحضور المسيحي والدور المسيحي والحقوق المسيحية مادة جهاده من أجل الوصول الى قصر بعبدا، وكأن هذه البيئة المسيحية الغنية بالكفاءات والمؤهلات باتت صحراء مجدبة… او كأن مصير المسيحيين بات موقوفاً على شخص معين، كبر هذا الشخص أم صغر؟! وهذا منتهى الاستخفاف بالقول… ليعود ويسحب من الدرج ورقة «الفدرالية» المرادفة ل«اللامركزية السياسية الموسعة»، ملوحاً بها ومهدداً، بأنه اذا لم يكن له ما يريد، فإن التقسيم الذي يهدد دول المنطقة مؤهل للدخول الى لبنان قبل غيره؟! فأين هي «الوحدة الوطنية»؟!