Site icon IMLebanon

«الجنرال» يحاصر «حليفه» بـ3 خيارات: انتخابات نيابية.. استطلاع أو «تسوية ميثاقية»

غداً الجلسة رقم 32 لانتخاب رئيس الجمهورية، ما تمّ التعاطي معه بوصفه احتمالا، ولو كان ضئيلا. التئام مجلس النواب في أول جلسة بعد الاعلان غير الرسمي عن ترشيح سليمان فرنجية، بات استحالة تبرّرها الكثير من الوقائع والمعطيات على رأسها الممانعة المسيحية الثلاثية، فيما لا شيء يشي بأن الجلسة التي ستلي سيكون مصيرها أفضل حالاً.

الاستياء من الموقف المسيحي يصدر من اكثر من جهة. بعضه مكتوم الصوت والبعض الآخر يجد سبيلا له في تغريدة او بيان. النائب وليد جنبلاط استفزّ ميشال عون وسمير جعجع بـ«تويت» عاد من خلاله 27 عاما الى الوراء ليقول ان (المسيحيين) لم يتعلّموا من دروس الماضي، مستذكرا وساطة روبرت مورفي (قاصدا ريتشارد) التي وضعت اللبنانيين أمام خيارين: «إما مخايل الضاهر.. أو الفوضى».

بكل بساطة هو يرى اليوم ان على المسيحيين ان يختاروا سليمان فرنجية كي لا يجرّ خيارهم الرافض لبنان مجددا الى الفوضى، لكن هذه المرّة وسط إعصار الارهاب وإعادة رسم المنطقة جوا وبرا.

الردود المسيحية الانفعالية والقاسية على تغريدة «البيك»، خصوصا تلك التي كتبها جان عزيز المستشار الاعلامي للعماد ميشال عون على «فايسبوك»، تكفّلت بضبط تعليقاته وإلزامه بالعودة الى هواية «القرادة» في العالم الافتراضي بعد ان «سمح لنفسه» برمي تغريدة أكثر دلالة من واقعة عام 1988، استعان فيها بحصان أمرؤ القيس ليقول: ان البعض من الجمهور السيادي كالبعض من جمهور الممانعة «كجلمود صخر حطّه السيل من عل»! (صخرة يسقطها المطر دفعة واحدة من الاعلى).

لجنبلاط «شطحاته» المعروفة التي قد تدفعه الى استحضار مفردات «الجنس العاطل» والحديث عن «التقّالات» المسيحية في مناطق نفوذه الانتخابية و«المزايدات المسيحية التي لا تتوقف» و«التأسّف على عدم التعلّم من الماضي»… وفيما لا يجد حرجا في التعبير من دون سقوف في كل المحطات، فإن الأصوات المكتومة اليوم الناقمة على «الحرد» المسيحي هي أكثر بكثير من تلك التي تجد ترجمات كلامية لها.

في مقلب الرئيس نبيه بري «الشغل على السكت» والحرص على إنجاح التسوية بسلّتها الكاملة هو السائد، مع تجنّب كل ما يمكن ان يزيد من نسبة استفزاز ميشال عون. «حزب الله» على موقفه إلا إذا اقتنع «الجنرال» بترشيح الزعيم الشمالي. وأولياء «تيار المستقبل» يصبّون معظم جهودهم لتبرير «فعلتهم» أمام جمهورهم «الازرق» وجمهور «14 آذار» تحت عنوان «التسوية النبيلة التي تحتاج الى شجاعة استثنائية»!

كل المواقف لا تزال تحت سقف المتوقع الى أن خرق لقاء النائب سليمان فرنجية والوزير جبران باسيل، في منزل الاخير في البترون، جمود المشهد الرئاسي. وفي هذا الاطار، كان لافتا اللهجة غير المألوفة على السمع التي طبعت البيان الصادر عن المكتب الاعلامي لفرنجية «ردّا على بعض التسريبات» التي طالت مضمون اللقاء.

وهي تعكس للمرّة الاولى في العلن ما يحكى في كواليس بنشعي: أحد أسباب الاستمرار في ترشيح العماد ميشال عون نفسه للرئاسة، بعد إعلان سعد الحريري استعداده للسير بخيار رئيس «تيار المردة»، قد يكون لتعطيل ترشيح فرنجية!

فيما كان واضحا ان التبرير الوحيد الذي يعطيه فرنجية لاستمرار هذا الترشيح وإعطائه مزيدا من الوقت «اذا كان هناك من نيّة فعلية بالتوافق حول العماد عون، أما اذا استمرّ الترشيح فقط لتعطيل ترشيح فرنجية فهذا موضوع آخر»، كما ورد في البيان.

وللمرّة الاولى ايضا يعلن فرنجية عدم قبوله برفض الاقطاب (ميشال عون وسمير جعجع وامين الجميل) لترشيحه على قاعدة «ليش انت مش انا»، معتبرا ان المعيار الوحيد للنقاش في الرفض المسيحي له «إذا كان هناك عذر مسيحي او وطني».

والأهمّ من ذلك، ان بيان فرنجية ردّ، بالنيابة عن الحريري، الاتهام الموجّه للاخير بمقايضة رئاسة فرنجية بالابقاء على قانون الستين، بالتأكيد أنه لم يحدّد شكل القانون الذي يطالب به إلا من زاوية عدم ضربه تمثيل أو كيان أي طائفة.

لكن في الكواليس ثمّة من يهمس بأن «التسريبات»، التي نفت بالامس أوساط وثيقة الصلة بعون ان تكون صادرة عن الدائرة المحيطة بالجنرال أو الوزير جبران باسيل، هي التي أدّت الى إصدار مكتب فرنجية هذا البيان الحاد اللهجة، بالرغم من إشارته الى ان أجواء اللقاء البتروني كانت ودّية وصريحة. فبدا البيان كردّة فعل مباشرة على الكلام الذي جرى تسريبه حول مضمون اللقاء والاتهامات المساقة بحق فرنجية، ما يؤشّر الى سوء التواصل بين بنشعي والرابية.

بمطلق الاحوال، تؤكّد أوساط عون ان «اللقاء بين باسيل وفرنجية كان فعلا ايجابيا، حيث جرت مصارحة كاملة بين الطرفين. فرنجية من جهته عرض قراءته لمشروع ترشيحه من بدايته بشكل وديّ وصريح، وعرض الوزير باسيل بالمقابل موقف التيار الوطني الحر الذي يتكامل مع موقف فرنجية لجهة تأكيد الاخير بأنه لا يزال يعتبر عون مرشّحه الاول وسيمشي به إذا توافرت فرص انتخابه».

وقد أعاد باسيل تذكير فرنجية بموقف عون الذي ينطلق من ثابتة أساسية، وهي ان المسألة لا تختزل فقط بانتخابات الرئاسة بل مرتبطة بالسلّة الكاملة.

مقاربة عون الرئاسية حضرت بقوة في لقاء فرنجية باسيل. هناك تصوّر واضح وخريطة طريق اعلن عنها «الجنرال» سابقا تقوم على واقع ان مجلس النواب الحالي منتقص الشرعية، ويمكن في هذه الحال الركون الى احد هذه الخيارات: إجراء انتخابات نيابية على أساس قانون النسبية تمهّد لانتخاب الرئيس، استطلاع شعبي يساهم في تركيبة الرئيس، او تسوية ميثاقية تتيح انتخاب مجلس النواب الحالي صاحب التمثيل المسيحي الاول.

ويبدو ان الرابية من جهتها مرتاحة لتمسّك فرنجية المستمر بترشيح عون، في وقت ينظر فيه فريق رئيس «تيار المردة» بقلق الى المقاربة التي يعتمدها مقرّبون من «الجنرال» وتوحي بأن فرنجية ينصاع لمحور ثلاثي الاضلاع يعيد إنتاج تركيبة النظام السابق بكل شبكة مصالحها وحساباتها الطائفية والتنفيعية ومساوما حتى في موضوع قانون الانتخاب على حساب المسيحيين ووصول ممثلهم الأول الى قصر بعبدا. وهذا ما يفسّر لهجة بيان فرنجية الجديدة على أسلوب التخاطب بين الطرفين.

وفيما ينحصر اليوم ملف ترشيح فرنجية حصرا بين الاخير والوزير باسيل، فإن أوساط عون تلفت الى «ان إعلان الرئيس سعد الحريري بشكل واضح عن تبنّيه ترشيح فرنجية، سيفرض جلوسنا مجددا مع الحلفاء للتداول، مع الاخذ بالاعتبار السلّة الثلاثية للحل التي يطرحها عون».