Site icon IMLebanon

جنرال… chapeau bas

«في الزنزانة، ذهب وزني، واتزاني، ووقعت في غرام ذبابة». هذا مطلع قصيدة لشاعر تونسي شاب، يدعى حاتم الغويشي. هل تتعامل السلطة في لبنان مع الناس اكثر من… ذباب بشري.

هوذا مسرح اللامعقول. الساسة في لبنان اكثر براعة في صناعة اللامعقول من صمويل بيكيت واوجين يونيسكو. فوق كل هذه النفايات يلتقي في ساحة النجمة ستة عشر كوكبا (هي مجرد استعارة هامشية من نص مقدس) ويقررون مستقبل الطبقة السياسية لا مستقبل الطبقات الاخرى، حتى ان صديقنا جورج قرم كاد يصل الى معادلة «الصوملة السياسية» و«الصوملة الاقتصادية».

لا مشكلة عند البعض ان يختبىء وراء قناعه الذهبي، ويقول ان ايران مسؤولة عن الشغور الرئاسي، وعن ظهور تنظيم الدولة الاسلامية وتمدده، وعن تراكم الدين العام، وعن تراجيديا، او فضيحة، الكهرباء، وعن غياب الحد الادنى من الرؤية الاستراتيجية، كما من التخطيط، الاستراتيجي، في قطاع تتعلق ببقاء الدولة وببقاء لبنان، وعن نزول ادم وحواء من الجنة…

السيدة بهية الحريري، وفي الذكرى الخامسة والتسعين، لاعلان دولة لبنان الكبير اهدت البطريرك مار بشارة بطرس الراعي غرشا، بالاحرى اول غرش صك في عام 1924 وعليه عبارة «دولة لبنان الكبير». هل كانت صاحبة السعادة تريد القول لصاحب الغبطة ان دولة لبنان الكبير تحولت الى مجرد ذكرى؟

ثمة ديبلوماسيون و يستغربون كيف ان لبنان، بلد الفساد العظيم، والمهرجانات الفاخرة، لم ينفجر قبل سوريا وقبل ليبيا وقبل تونس وقبل مصر. وقيل كيف ان بلداً ينتج هيفاء وهبي، ومريم كلينك، ومايا دياب، وفي المقابل ينتج داعي الاسلام الشهال واحمد الاسير وسراج الدين زريقات وصولا الى مصطفى الحجيري (ابو طقية) ان ينفجر. هو انفجار بحد ذاته.

الآن وقت الجد، وزير الداخلية نهاد المشنوق، وهو الذي لا يطلق الكلام على عواهنه (بالرغم من… اعرف مع مين عمبتحكي)، اتهم دولة عربية، هي حتما ليست سوريا والا لكان تلفظ باسمها بصوتها الجهوري، بالتحريض على الشغب، تبعه في ذلك الوزير سجعان قزي الذي اتهم «دولا عربية صديقة»…

هنا ينبغي ان نتوقف. هنا ينبغي ان نشعر بالهلع. في التيار الوطني الحر لا يستسيغ البعض ما اكتب، لا بل ان موقع التيار الذي كان ينقل مقالاتي اكتفى باقتطاع اجزاء منها دون الاشارة الى اسمي (ألم ننته من حروب الالغاء؟)، لكن ما قاله العماد ميشال عون اثر الاجتماع الاخير لتكتل التغيير والاصلاح يختزل كل المشهد الكارثي الذي ينتظرنا…

ايها الجنرالChapeau bas لان ثمة من يسعى لتفجير الربيع، ربيع جهنم، في لبنان. وبكل وضوح، ثمة اسماء بين من يقودون الحراك لا تثير الريبة فحسب بل وتثير الهلع…

المسؤولون في الدولة العربية اياها لا يتخذون القرارات ولا يضعون الخطط من روؤسهم. ارتباطات، وعلاقات، استراتيجية واستخباراتية، هائلة، وتشمل حتما اسرائيل، والسيناريوات التي وضعها بنيامين نتنياهو ان لسوريا او للبنان وربما للعراق ايضا…

منذ فترة راحت تتردد معلومات حول «الاشباح التي تحفر في الحائط». العبارة تناهت الينا من مرجع ديني راق، ومثقف، وعلى تواصل مع الفاتيكان. الغاية اسقاط حكومة تمام سلام، وعلى اساس انها تخدم «حزب الله» دون اي جهة لبنانية اخرى، بتأمين التغطية له في الداخل اللبناني لكي يسرح و يمرح، ويقتل ويقاتل، في الداخل السوري…

القرار هو تفجير الحكومة اللبنانية، والدولة اللبنانية، ولتكن الفوضى، وبالتالي عودة الحياة الى خلايا «داعش» و«النصرة» في الارجاء اللبنانية، على ان يتم اغتيال اللواء عباس ابراهيم (وكما اكدت المعلومات في وقت سابق)، ورؤوس حساسة اخرى لاضرام الفتنة الكبرى…

في هذه الحال، يغرق «حزب الله» في النيران اللبنانية. البقاع يسقط تلقائيا في يد مسلحي الجرود، ومسلحي المخيمات، ومسلحي الخلايا التي تنتظر ساعة الصفر. اما الجنوب فيتكفل فيه مخيم عين الحلوة الذي تحولت بعض احيائه الى تورا بورا، وصولا الى سفوح جبل الشيخ بعدما بات معلوما ان تل ابيب جاهزة لفتح مزارع شبعا امام «جبهة النصرة» (التي عادت الى الواجهة مجددا) وحلفائها…

هذا ليس دفاعا عن الهلهلة. لكن الجنرال الذي طالما اخذنا عليه العصبية و سلطة الانا (الديغولية!!) ، وبراءة الاختراع حول المطالب، قال الكلام الذي يفترض ان يقال. امامنا اهوال اذا ما دبت الفوضى، واذا ما استشرت. لدى الطبقة السياسية ما يكفي من المعلومات والمعطيات. هل تعيد النظر في التعامل مع اللبنانيين على انهم ليسوا بالذباب البشري؟

العدالة التي تأتي من فوق، تأتي من الله وحده…!