تنتظر الأطراف اللبنانية، كلٌ من موقعه، المفاعيل التي ستترتب على الاتفاق النووي بين إيران والقوى الدولية، كي تحدد تموضعها السياسي في المرحلة المقبلة. سيحاول المتضررون التقليل من الخسائر قدر الإمكان، وسيسعى المتحمسون الى استخدام الطاقة النووية الإيرانية في صناعة التسوية المفترضة للازمة الداخلية، لكن وفق تطلعاتهم وحساباتهم.
ولئن كان العماد ميشال عون من أكثر المعنيين بالترجمة اللبنانية للاتفاق النووي، لما يمكن ان يتركه من انعكاس على الاستحقاق الرئاسي، إلا ان «الجنرال» يبدو في الوقت ذاته من أقل المنشغلين بإجراء الحسابات، وهو الذي عُرف عنه انه لا يربط خياراته بموازين القوى واتجاهات الريح الخارجية.
ويوضح عون انه الآن في مرحلة الـ «لا تصعيد ولا استكانة»، بعدما «أكدنا للجميع برسالة واضحة اننا نعني ما نقول وان تحذيرنا من انفجار الازمة في الشارع لم يكن للتهويل». ويتابع: نحن ننتظر ما الذي سيحصل، وكيف سيتم التعامل مع مطالبنا وحقوقنا. لقد أطلقنا دينامية شعبية وسياسية، وهي لن تتوقف حتى نصحح التوازن ونحصل على حقوقنا.
ويلفت عون الانتباه الى ان الآخرين يتصرفون معنا على قاعدة ان «ما لهم لهم، وما لنا لنا ولهم»، مشددا على ان هذه المعادلة قد سقطت، ولسنا بوارد السماح باستمرار سريان مفعولها.
ويقول عون: ما داموا يعتبرون ان النظام الحالي هو نظام محاصصة.. فنحن وبكل بساطة نريد حصتنا.. وكما ان الاقوياء في المكونات الاخرى هم أصحاب الخيار والقرار، يجب ان يكون لنا حق القرار والاختيار في ما يتعلق بالحقوق المسيحية في الدولة، وهذه الحقوق ليست شخصية او طائفية كما يحاول ان يصورها بعض خصومي، لتشويه مضمونها وإحراج المنادي بها، بل هي حقوق وطنية لان مردود الرئيس القوي وقائد الجيش المناسب وقانون الانتخاب العادل واللامركزية الادارية والمالية والانماء المتوازن، إنما قضايا تطال بمفاعيلها جميع اللبنانيين، ولا تقتصر على المسيحيين.
ويضيف عون: البعض كان يظن ان بيتنا من زجاج.. نعم، نحن شفافون كالزجاج، لكنه من النوع غير القابل للكسر، بل ان من يصطدم به هو الذي سينكسر.
ويشير الى انه يسمع من البعض احيانا انه لا يوجد «فيتو» على اي اسم لرئاسة الجمهورية، لكن عندما يُطرح اسمي يرفضونه بهذه الذريعة او تلك.. لماذا هذا الرفض للرئيس القوي الذي يملك حيثية تمثيلية في بيئته، بينما هناك قبول برئيس الواحد بالمئة تمثيليا؟ ألا يجدر التوقف عند هذه المفارقة الغريبة؟
وفيما يلاحظ عون ان الخطاب الاخير لرئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري تضمن إشارات الى الاستعداد للحوار، يعتبر ان رد بعض النواب المسيحيين في «كتلة المستقبل» على مواقفه لن ينجح في تحوير طبيعة المواجهة وجعلها مسيحية ـ مسيحية.
ويقول عون انه كانت هناك محاولة لاستدراج انصاره الى فخ الصدام مع الجيش اللبناني قبل اسبوع، لافتا الانتباه الى ان المتظاهرين امام السرايا الحكومية في 9 تموز الماضي تجنبوا الوقوع في الفخ، وتحملوا الاعتداءات التي تعرضوا لها، لان المؤسسة العسكرية تحتل مكانة خاصة في وجدانهم، وهي تبقى أهم من الاشخاص.
ويضيف: لو تُرك الامر يأخذ مجراه الطبيعي، لكانت المواكب السيّارة للتيار الوطني الحر قد مرت بالقرب من السرايا الكبيرة من دون تسجيل أي حادث، ولكنا قد عبّرنا عن موقفنا بهدوء وأوصلنا رسالتنا بطريقة سلمية ديموقراطية، لكن هناك من أراد محاولة حرف تحركنا عن مساره، وإلا ما المبرر لحشد كل هذه القوات من الجيش وقوى الأمن الداخلي في مواجهة شباب مثقف وحضاري، حتى كاد عدد عناصرها يتجاوز عدد المتظاهرين؟
ويستغرب عون البيان الصادر عن الجيش بعد الصدام في الشارع، لاسيما لجهة إشارته الى انه كان يتولى حماية المؤسسات والممتلكات، وكأنها كانت تتعرض لهجوم عسكري، لافتا الانتباه الى ان «التيار الحر» أمضى 15 عاما من النضال والمقاومة بين العام 1990 و2015 من دون ان تحصل ضربة كف او ان يتحطم لوح زجاج.
ويشدد عون على ان التحرك الذي حصل في الشارع في 9 تموز هو مجرد تحرك رمزي وبداية، ولا يعكس سوى جزء بسيط من قوتنا الشعبية، وأتمنى ألا يدفعونا الى تظهيرها كلها.