يوماً بعد يوم، يتأكد الجنرال ومن يسير في ركابه أن الحاجة أصبحت أكثر من ملحة لنفضة من كعب الدست تعيد تصويب البوصلة نحو الإتجاه الصحيح.
فالمطلوب لهذا البلد المعطوب بمواطنيه وسياسييه تربية من الأساس ودروسٌ في السلوك السوي، حتى لو استوجب الأمر إتباع سياسة الأرض المحروقة. وهذا ما يحصل حتى تستقيم الأمور.
وفي هذا الإطار، ممنوع سوء الفهم. وليعلم القاصي والداني أن أي اعتداء على الجنرال هو اعتداء على الدستور والقوانين والشرعية والميثاقية، وحتى على الدين والطائفة. هنا يصبح قميص عثمان الطائفة أهم من إتفاق الطائف. وهنا بيت قصيد طالع من ثارات الجنرال الذي لا يموت له ثأر.
ولا بد من حاشية للتوضيح بأن الجنرال وجاهة وحاشية. والتعرض للحاشية خط أحمر، ما لم يكن المعتدى عليه ممن يمكن التضحية به. حينها لكل مقام مقال.
فمن كان من قماشة الجنرال لا توقفه الصعاب وتشل قدرته الإنهيارات المتسارعة. المعنويات مرتفعة على الرغم من تشخيص العلل وتصنيف البلاد بأنها تشهد حالة نادرة من الموت المؤكد للإقتصاد بفعل الفاعلين من أهل المنظومة المتسلطة على رقاب المواطنين.
ولا لزوم للنق والتباكي حتى لو سارت الأحوال من سيئ إلى أسوأ. ذلك أن الأزمات الشديدة تتطلب قرارات شجاعة موجعة لا توفرها إلا الرؤية الإستراتيجية للجنرال ومريديه.
فهذه الرؤية، وإن اختلفت عن رؤية المحور المتحكم بالسيادة والمصير، الا أنها تتقاطع معها بغية الوصول إلى الهدف. وعلى السكة جرائم كبيرة وجرائم صغيرة لا تقوض المسيرة بل توسع طريقها. ولا يخاف المرتكب من عقاب ومساءلة.
بالتالي، لا يغرقن أحدٌ في الأوهام أو يتصور أن هذه المناوشات الجانبية المتعلقة بعلة أصابت التفاهم، أو بملاحظات موسمية متعلقة بالسلاح خارج الدولة لها أهداف تتجاوز تحسين منسوب الشعبوية والغمز واللمز الصالحين لبعض الضغوط لزوم المرحلة.
لا سيما أن المحور حدد وظيفة لبنان منذ زمن. لذا كانت المسيرة التي مشيناها خطى كتبوها ونفذوها بالحرف والنقطة والفاصلة، بعد بعض التعديلات الخفيفة والانعطافات التي تعيدنا إلى الخط المرسوم.
ولذا عرف الجنرال ومريدوه أن من يستند إلى المحور ويواليه يضحك كثيراً أولاً وأخيراً، ولنا في بشار الأسد خير برهان على جدوى الولاء، وبما يثلج القلوب ويريح البال ويجعل العقوبات عقيمة بحيث لا تحول دون النفوذ والسلطة.
ويمكن لباقي الأفرقاء في المنظومة أن يتشاطروا ويتلاعبوا بما تيسر من الأوراق الفاقدة مفاعيلها. ومنها إستخدام الأزمات المعيشية في بازار التجاذب السياسي، لتدور رحى المعارك بين الطاقة والإنترنت، على سبيل المثال، بغية تسجيل النقاط وزيادة أعباء فريق عمل الجنرال الحامل هموم الكرة الأرضية على كتفيه.
لكن “يا جبل ما يهزك ريح”. وسائل الصمود والتصدي حاضرة ناضرة… وإن على طريقة تلبيس الطرابيش وإعادة تدوير ما تيسر من بقايا أموال المودعين المنهوبة.
المهم أن يفهم القاصي والداني عبثية محاولات الإلغاء المستمرة. وما لم يحصل في 1989 سيحصل حتما في 2021. إذ لا تهاون في حقوق القائد المفدى والمطبلين والمزمرين حوله.
هذه هي الحال وهذا هو المطلوب. والجنرال لن يستكين حتى يصحح مسار التاريخ. تجاهر جماعته بذلك وتتباهى وتهتف منتشية: يا ثارات الجنرال.. ومع مفعول رجعي.