Site icon IMLebanon

العماد ميشال عون  ما له وما عليه…

كل من يتعرض الى كل هذا القدر الضخم من العداء والاستفزاز على مرّ العقود، ثم لا يستفز، ويحتفظ بهدوئه واتزانه… فهو من فئة الأولياء والقديسين وليس من فئة السياسيين! والعماد ميشال عون ليس قديساً، وقد بنى زعامة سياسية وطنية وشعبية، بفكره ومواقفه ورؤاه، وبطريقة عصامية، فكان هو صانع هذه الزعامة لنفسه، دون أن يكون وارثاً لها. وفي سجله أنه كان من بين الزعامات اللبنانية الخارقة للطوائف بخطابه الوطني الجامع، لا الطائفي المفرق، وكان له أنصار ومؤيدون ومحبّون ومتعاطفون، من أبناء العائلات الوطنية اللبنانية الروحية، من مسلمين ومسيحيين…

تعرّض العماد عون، في شخصه كما في تياره السياسي، الى نوع من العداء والتمييز ضدّه شخصياً، وضد تياره، على مرّ العهود والعقود، وباصرار، وبزخم غير مسبوق، وغالباً ما تواطأت الطبقة السياسية التقليدية ضدّه شخصياً وضد كل ما يمثله أو من يتعاطف معه، لأسباب ليست مفهومة للناس وللجمهور العريض. ولهذا تعاطفت الناس معه بصفة عامة، ومع مطالبه ذات الطابع الوطني لا الطائفي وعلى مرّ السنين. وحتى عندما ركّز مطالبه على استعادة الحقوق المسيحية فعل ذلك من منطلق الشراكة الوطنية والميثاقية، وليس من المنطلق الطائفي والمذهبي…

كان خصوم العماد عون محتارين فيه، ولا يعرفون كيف يمسكون به لأنه كان في نظرهم أشبه بالزئبق، ولا يجدون سبيلاً لمحاصرته وحشره، باستثناء أسلوب التواطؤ ضدّه، وإبعاده عن منصّة الحكم. ويخطئ من يعتقد ان العماد عون لم يصبر ويهادن ويراوغ ويتحايل، في انتظار أن يتغيّر مزاج الطبقة السياسية ضدّه… وهو ظلّ يفعل ذلك منذ البداية والى حين بلوغه مشارف الثمانين من العمر… وليضع أي زعيم سياسي نفسه في مكان العماد عون، ويسأل نفسه، ماذا كان ليفعل في مثل هذه الظروف؟! غير ان التيار الوطني الحر، يتصرف اليوم بوحي ما كان خصومه يرغبون في دفعه اليه، والى الوقوع في الجورة التي حفروها له، وان يتصرف بمواقف مناقضة لتاريخه، بعد استفزازه للسقوط في الهستيريا السياسية والارتجال!

لا يزال الأمل معقوداً على حكمة الجنرال، وعلى استراتيجية فكره السياسي. التنكّر للحوار هو أكثر من جريمة، انه خطيئة من الكبائر. وأياً تكن طاولة الحوار غالية على قلب الرئيس نبيه بري، فانه لم يصل الى حدّ اعتبارها إرثاً عائلياً! وحاجة الآخرين اليها هي أعظم بكثير من حاجته هو اليها. ولو وزن العماد عون الأمور بعقله المعهود، لوجد ان السكك تكون مسدودة أو سالكة حيث يقف محوّل السكك عند نقطة التحويل! وان التوافق في العمق مع الرئيس بري قد يوصل الى نتائج تريح الوطن، وان الصدام مع بري يوصل التيار الى المنطقة المحرّمة المستترة المشتركة بين أمل وحزب الله حليف الجنرال… وفهمه كفاية!