Site icon IMLebanon

«تعبئة عامّة» ونصف اعتراف بالخسارة

حزب الله ذاهبٌ إلى الحرب في القلمون مهما كانت التداعيات على لبنان، وعلينا أن نعتبر أنّ المعركة بدأت منذ الأمس وبقوة، لأنها كما قال أمين عام الحزب بالأمس: «عندما تبدأ هذه العملية هي ستتحدث عن نفسها وعندها سيعرف الجميع أنّ هذه العملية بدأت»، المعركة بدأت، بل ونذهب أبعد من ذلك لنقول لقد أعلن نصرالله بالأمس «التعبئة العامّة» فقوله: «هذا تكليف انساني وأخلاقي وديني ومن يتخلّف عن هذا الأمر إذا يستطيع أن يقوم به فهو يتحمل المسؤولية»، هذا الكلام لا يُفسّر إلا بأنه تعبئة عامّة وبالتّكليف الشرعي، والأيام المقبلة ستُراق فيها الكثير من الدّماء تحت هذا العنوان!!

أطل أمين عام حزب الله حسن نصرالله على وقع خبر مقتل اثنين من رجاله في القلمون، الأول «علي عليّان» القائد الميداني لعملياته العسكرية في القلمون، ليلحق به خبر مقتل القيادي «توفيق النجار» في القلمون، هذه المرة حاول نصرالله أن يحتوي قلق «شعب المقاومة»، إذن الحزب ضرب عرض الحائط بكل التحذيرات من معركة القلمون وخطورتها على لبنان، وعلى القرى الشيعيّة تحديداً في البقاع اللبناني، ولكنّه ذاهب وللمرّة الأولى بنبرة صوتٍ وسقفٍ منخفضٍ، لم يحدّد فيه السيّد وعوده المعروفه بالنصر الإلهي، فقال: «سنذهب إلى معالجة ما لهذه المشكلة (معركة القلمون) هذا الأمر محسوم ولكن متى أيّ الزمان لم نعلن عنه والمكان وأين ومن أين الى أين وحدود هذه العملية المفترضة وسقفها المكاني والزماني ومراحلها وإلى أين ستصل وأهدافها الميدانية لم نقل أيّ شيء عن هذا الأمر ولا أحد يلزمنا بأيّ شيء»!!

»من يربح الجولة لا يعني انه ربح الحرب، فالجيش السوري ربح جولات عدة منذ 4 سنوات حتى اليوم ولكن لم يدع انه ربح الحرب» لم يكن السيد دقيقاً في كلامه هذا بالأمس؛ فقد سبق وضرب الديكتاتور بشار الأسد وفي أحاديث صحافية عدّة وفي خطابات عدّة مواعيد نهائية لقضائه على من أسماهم دائماً «الإرهابيين»، حتى حلفاء النظام ضربوا مواعيد عدّة أعلنت فيها انتصاره ونهاية الثورة في سوريا، وكان أحد هؤلاء النائب ميشال عون عندما أعلن نهاية الأحداث «يوم الثلاثاء» الشهير منذ ما يقارب السنوات الأربع!!

للمرّة الأولى منذ سنوات أربع يعترف أمين عام حزب الله بخجل بخسارة، هو المتعوّد على تحويل كلّ الخسائر إلى انتصارات، وحتى وإن كان اعترف بخسارة جولة، فهذه هي المرّة الأولى التي يعترف فيها بخسارة ما، وهي المرّة الأولى التي يُعزّي فيها «شعب المقاومة» ويواسيهم بأنّ من يخسر جولة لا يكون قد خسر الحرب، وهذا الهروب إلى الأمام لجأ إليه نصر الله مضطراً فجمهوره خائف على أولاده وعلى قراه وبيوته، و»حنفيّة» الأموال الإيرانيّة شبه مقطوعة، والمال الطاهر لم يعد يتدفّق كما في السابق، وقد أثمرت إلى حدّ بعيد سياسة تجفيف منابع تمويل حزب الله لأنشطته في دول كثيرة، ولأنّ القلق سيّد الموقف، خاطب نصرالله جمهوره، وإطلالته بالأمس كانت مخصّصة لتطمين هذا الجمهور بقوله: «هناك جولة في مكان ما خسرها او ربحها هذا الفريق ولكن يجب ألا نبني كل ما يقال بسبب جولة قتال واحدة»!!

الأيام المقبلة ستكون باهظة الثمن على لبنان عامّة، وعلى الطائفة الشيعيّة خصوصاً بسبب غرق حزب الله في قمع الثورة السورية، والأسوأ الذي ينتظره الجميع هو تأثير معركة القلمون على الجنود اللبنانيين الرهائن لدى جبهة النصرة و»داعش» وهم وحدهم الذين لم يأتِ نصرالله على ذكرهم، مع أنّه تذكّر اليمن والعراق، ووعد «الشعب السوري» بأنه باقٍ في المعركة ولن يتخلّى عنه، كان الله في عون لبنان واللبنانيين وجنود الجيش اللبناني المنتشرين على حدود الجبهة المشتعلة، والمخطوفين منذ شهر آب الماضي وذويهم، الذين لم يجد تكليفاً شرعياً على الأجندة الإيرانيّة لإنقاذهم وإعادتهم إلى بيوتهم، المحزن الوحيد في خطاب نصرالله بالأمس هو إدراكنا أن مواكب جنازات طويلة تنتظر المشهد اللبناني، ومع هذا حزب الله مصرّ على خوض «آخر معاركه» الخاسرة في القلمون السوريّة!!