يعيد المحلِّل الاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب توالي الضربات الأميركية في اليومين الماضيين في المنطقة، إلى “الضغط في الشارع الأميركي وعلى مستوى الرسميين الأميركيين، بضرورة الردّ على كل ما تتعرّض له القواعد الأميركية من عمليات”، مشيراً إلى أن الردّ العسكري، وفق واشنطن، سيكون على مراحل، أي أنه بدأ عنيفاً في المرحلة الأولى، بانتظار ردات الفعل، وعندها، إما أن ينتهي بعملية واحدة، أو أنه سيكون ردّا على الردّ، ولن يسكت على أي محاولة للردّ”.
ويكشف ملاعب لـ “الديار”، أن “المميّز في هذه العملية الأميركية، كان الإبلاغ عنها قبل حصولها، وهو ما صدر عن قائد الحرس الثوري الإيراني، الذي قال: “أُبلِغنا بالردّ، ونحن نبلِّغ بأننا لن نسكت على أي ردّ قد يستهدف إيران أو مصالحها، ولسنا هواة حرب”. ويستنتج أن “الضربة لن تكون على إيران، وبالتالي حصلت في منطقة بقعة هيمنة إيرانية، ولكن ليست على مستشارين إيرانيين، في البوكمال ودير الزور ومعبر القائم، وفي الأراضي العراقية، أي موقعين في الأراضي العراقية على الحدود السورية، وثلاثة مواقع للعناصر المرتبطة بالحرس الثوري في سوريا، وهذه الأهداف قريبة من أمكنة انتشار القوات الأميركية في قواعدها، وبذلك، تخلق لنفسها أميركا مبرّراً بأنها ضربت أماكن كانت تستهدف قواعدها”.
في المقابل، لا يُخفي أن “إيران استبقت هذا الانتقام بالتنسيق مع كتائب حزب الله في العراق، حيث استصدرت من هذه الكتائب بياناً بتعليق العمليات ضد الجيش الأميركي، بحجة إفساح المجال للحكومة العراقية بأن تسلك مسلك المفاوضات بالاستغناء عن الوجود الأميركي في العراق، حيث يوجد 900 جندي أميركي، وفي سوريا 2000 جندي، وهذه الأرقام اعترف بها الأميركي عن 2900 جندي موجودين بين العراق وسوريا، وأمّا في سوريا فقد حصل نوع من تخفٍّ للقوات والمستشارين الإيرانيين الذين بدّلوا أماكن سكنهم، وذهبوا إلى أماكن غير معتلمة، واتخذوا قراراً بالتعاون مع الحكومة السورية بالتخفّي وعدم السفر بشكل علني وواضح، واعتمدوا سياسة التمويه والتخفي، وهناك اجتماعات حصلت على مستوى عال مع الحكومة السورية، وحمل الإيرانيون الحكومة السورية أن الخرق الأمني الذي أدى إلى مقتل مستشارين إيرانيين تتحمل مسؤوليته القوى الأمنية السورية، وهناك اختراق في هذه القوى يمكن أن يكون حصل نوع من التشكيلات ضمن القوى الأمنية السورية في هذا الموضوع، لذلك، حصل تخفٍّ وتفاهم مع القيادة العسكرية في التمويه والمحاسبة”.
وعليه، يشير إلى أن “الأميركيين ردّوا على مقتل العسكريين والإيرانيين لم يخسروا أي شيء في هذه العملية، لذلك الجميع ربح ولكن بالنسبة لنهاية المواجهة، فإن هذا يتعلق بما تريده إيران وأميركا، فإيران تريد أن تصل إلى رفع عقوبات كامل، وإلى توافق مع الولايات المتحدة الأميركية وتستغل ما حصل في غزة لتقوم بهذا الجهد، أي الديبلوماسية مصحوبةً برسائل عسكرية في ما تسميه محور المقاومة، مع العلم أنه في الواقع، يبدو أن الوسائل الديبلوماسية لم تنجح حتى وصلت الأمور إلى فتح جبهة اليمن بهذه الطريقة واستهداف المواقع الأميركية بنشاط غير عادي 160 صاروخا أو مسيّرة باتجاه هذه القواعد الأربع”.
ويستخلص أن “الانتقام الأميركي، لم يُحدث أضراراً بمصالح إيران تحديداً أو بمسؤوليها، وقد نُفّذ بطريقة ترضي المتشدّدين الأميركيين”، مشيراً إلى “استخدام أل (بي 51) القاذفة الاستراتيجة وتلافي استعمال أل (إف 16) و(إف 35) أو أي طائرة أميركية من أي دولة عربية، ولم تخرج عملية الرد على المسيّرة على مقتل الجنود الأميركيين من أي دولة عربية خليجية، أو حتى من أماكن قريبة من البحر أو من القواعد العسكرية هنا أو من البوارج، علماً بأن هناك حاملات طائرات والأسطول الخامس ووجود كثيف في قاعدة العيديد في قطر وفي البحرين والسعودية وفي عمان، فكل هذه القواعد لم تستخدم خوفاً من أن يكون الردّ على تلك القواعد”.
وانطلاقاً ممّا تقدم، لا يصنّف ملاعب ردّة الفعل الأميركية بأنها “مسرحية”، مؤكداً أن “الإعلان عنها أخرج الإيرانيين من مراكزهم وأفرغ مراكز السيطرة والهيمنة الإيرانية، وبعدها حصل هذا الردّ الأميركي”.