IMLebanon

القصاص العادل بين: حرب الجيوش وحرب النعوش

 

 

تدفع أمّـةٌ بكاملها ثـمنَ عملٍ مجنون يقوم بـهِ رجـلٌ واحد.  (مثلٌ ألماني)

 

كثيرون نظروا الى اغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني على أنـهُ ناتجٌ عمّا يُشبه الهوَسَ العقلي، في ظـلِّ واقعٍ دولي محموم، ومنطقةٍ مشتعلة تتدحرج فيها براميل البارود في اتجاه آبار النفط.

 

خمس عشرة دولة تهيَّـبتِ الحدَث داعيةً إلى خفضِ التصعيد بما قد يترتّب عليه من مفاجآت لا يمكن ضبطُها، والعالم حسب الأمم المتحدة: «لا يمكنه أنْ يتحمّل أوزار حربٍ جديدة في الخليج»…

 

 

 

نعم… إيران أعلنت أنها لا تريد الحرب، وكان ردُّها على قاعدة «عين الأسد» من دون أن يصيب الأسد في عينه.

 

 

 

وأميركا كما قال رئيسها ترامب: «تحركتْ لوقْـفِ الحرب لا لبدْئها..» وكان ردُّها على ردّ «عين الأسد» أخطر من عينٍ بعينٍ وسنٍ بسنّ، أي كان عسكرياً بثيابً مدنية.

 

 

 

ولكن، مَـنْ قال إنّ خيول الحرب تستأذن دائماً مهمازَ فرسانها.. ومن كان يتصوّر أنّ اغتيال فرنسوا فردينان ولـيّ عهد النمسا قد يكون سبباً في اندلاع الحرب العالمية الأولى، وأن سبب الحرب العالمية الثانية كان إرهاقَ الإقتصاد الإلماني بتعويضاتِ الحرب العالمية الأولى.

 

 

 

وماذا يمنع، من أن يتشابه اغتيالُ الرجل الثاني في إيران مع اغتيال الرجل الثاني في النمسا، وأن يتشابه إرهاقُ الإقتصاد الإيراني بإرهاق الإقتصاد الإلماني…؟

 

 

 

لا تزال المواقف تنطلق من قاعدة: إنّ الحرب خدعة: وزير الخارجية الإيراني يصرّح: «انتهى كل شيء ولا نسعى الى التصعيد…» ويعلن المرشد الإيراني في المقابل: أنَّ الـردّ على قاعدة عين الأسد كان صفعةً لأميركا ولكنه ليس كافياً إلاّ أن تخرج أميركا من المنطقة…»

 

 

 

ويبدو الرئيس الأميركي في ردّه على قصف قاعدة عين الأسد حمَلاً يرتدي جلد ذئب، يُخفي براثـنَ الوعيد والتهديد والتحدي بقوله:

 

 

 

– «يبدو أن إيران تراجعت …

 

– لن نسمح بعد اليوم بأن تكون إيران دولةً إرهابية…

 

– سوف نفرض عقوبات إضافية على إيران حتى تُعدّل سلوكها…

 

– لن يكون لإيران طموحٌ نووي ما دمت رئيساً للولايات المتحدة ـ وهذا ينخرط في إطار بيان انتخابي – …»

 

 

 

وبدوره يُعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أنَّ «الـردّ على دماء سليماني هو إخراج القوى الأميركية من المنطقة ويسّدد الإستهداف العسكري على كلِّ مَـنْ هـو وما هـو عسكري»، مطمْئِناً الوجودَ الأميركي المدني، بالنصّ القرآني: «ولا تـزِرُ وازرةٌ وزْرَ أخرى» (1).

 

 

 

وما دامت المعركة بالنسبة الى السيّد نصرالله تتخطّى كـلَّ الإعتبارات الشخصية إلى المواجهة بين محورين: محور المقاومة والمحور المضاد، وما دامت إسرائيل تتصدّر المحور المضاد في المنطقة، فهذا يعني ضمناً أن الجندي الإسرائيلي هو مشروع استنساخ عسكري للجندي الأميركي.

 

 

 

بعضهم يرى أن إسرائيل قد تستغلّها فرصةً سانحة لاستدراج أميركا إلى جانبها في حرب إقليمية في مواجهة جبهة الجنوب اللبناني والجنوب السوري وقطاع غـزة، وفي خلْـدِ إسرائيل أنها تستطيع تحقيق حلمها التاريخي على ما يُـؤْمن به اليهود أن إلـهَهُم المحارب سيقود معركتهم الأخيرة لتحقيق انتصاراتهم على الشعوب الأخرى.

 

 

 

ولكن… في انتظار ما ستكون عليه الردود والردود المضادّة التي تحدّد طبيعة حرب الجيوش مع الجيوش، أو حرب الوكلاء مع النعوش، فإنَّ جُلَّ ما تتمناه الشعوب الغارقة في بحور الدمار والإنهيار أن تكون يد الرئيس الأميركي ممدودةً حقاً في اتجاه السلم لا في اتجاه الدم لنقول مع دماء قاسم سليماني..

 

«قلنا يا نـارُ كوني بـرْداً وسلاماً على ابراهيم» (2) …؟

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

1– سورة فاطر: 18 2– سورة الأنبياء: 69