عاد «الجنرال» إلى «قصر الشعب» بمراسم استقبال وتشريفات لا تعقد الّا لرئيس الجمهورية.
ما شهده القصر الجمهوري أمس، حيوية غير معهودة. للمرة الأولى في ظل دستور الطائف، ينتخب رئيس جمهورية يترأس كتلة نيابية كبيرة (الأكبر مسيحيا)، وينتخب بعد مخاض عسير استمر سنتين ونصف السنة. فلا رئيس الجمهورية ميشال عون تعب، ولا حلفاءه كلّوا او ملّوا من دعمه باعتباره مرشحهم الأوحد.
ايا تكن قوة الدفع الخارجية، يمكن الاقرار ان اللعبة السياسية التي شهدت كرّا وفرّا متبادلين بين ضفتي الانقسام السياسي، افضت الى تموضوعات جديدة، انهت ما كان يعرف بقوى 8 و14 اذار. وليس خافيا ان بعض هذه التموضعات فرضتها حسابات انتخابية على ابواب الاستحقاق النيابي المقبل.
وإذا كانت الخطوة الأولى نحو الرئاسة بدأت مع ترؤس الجنرال عون الحكومة الانتقالية في العام 1988، فان مسار الطريق بخطواته المتفاوتة امتدت 28 عاما حتى تكمل دورتها ليعود «الجنرال» من حيث بدأ، ولكن هذه المرة رئيسا للجمهورية.
انطلق موكب الرئيس من مجلس النواب، وكان قد سبقه فريق عمله والعائلة، كان الانتظار ثقيلا عند مدخل القصر، إلى لحظة وصول الموكب وقد بدا عون معتادا على المكان فتصرف بتلقائية وثقة بلغة العارف بتفاصيل المكان وآليات العمل.
عزفت موسيقى الجيش لحن التعظيم ثم النشيد الوطني، حيّا الرئيس العلم اللبناني الذي رفع أيضا على السارية الرئيسية لمدخل القصر وفوق منزل الرئيس. استعرض العماد بثقة كتيبة تشريفات من لواء الحرس الجمهوري، فيما كانت تطلق المدفعية إحدى وعشرين طلقة ترحيبا بالرئيس، في حين أطلقت البواخر الراسية في مرفأ بيروت صفّاراتها للمناسبة.
انتهى استعراض حرس الشرف، صافح الرئيس كبار موظفي الرئاسة يتقدمهم المدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير والمدراء العامّين ورئيس مكتب الاعلام وقائد لواء الحرس الجمهوري، ليعلو التصفيق قبل انتقاله الى صالون السفراء وسط صفيّن من رمّاحة الحرس، حيث جلس على كرسي الرئاسة ايذانا بانتهاء عهد الشغور. تهافت المصورون لالتقاط الصور الرسمية على كرسي الرئاسة. بعدها انتقل عون إلى مكتبه حيث تسلّم وسام الاستحقاق اللبناني الوشاح الاكبر من الدرجة الاستثنائية والقلادة الكبرى لوسام الارز الوطني، والتقطت له الصور مرتديا الوشاح ومتقلّدا القلادة.
الاجتماع الاول للرئيس كان مع زوجته السيدة ناديا عون وافراد العائلة حيث التقطت الصور التذكارية. بدأ نواب «تكتل التغيير والاصلاح» بالتوافد للتهنئة برغم منغّصات «الورقة الزائدة» في صندوقة الاقتراع، الا ان الصفحة طويت وبدأ عهد جديد من الانفتاح على كل الفرقاء، اصرّ على الرغم من تعب النهار الطويل على استقبال الصحافيين المعتمدين ومكتب الاعلام في الرئاسة، تعرف على وجوههم واسمائهم والى جانبه زوجته ولكن من دون كلام في السياسة لان خطاب القسم ما زالت تقرأ كلماته بدقة متناهية ويكفي ما تضمنه من خريطة طريق للعهد العوني الجديد.
أما اول بيان رسمي صدر في العهد الجديد هو اعتبار الحكومة مستقيلة والطلب منها تصريف الاعمال، اما الاستشارات النيابية الملزمة فقد تأكد اجراءها يومي الاربعاء والخميس بعد اكتمال التنسيق بشأنها بين دوائر رئاسة الجمهورية ودوائر مجلس النواب. ليبدأ مخاض الاستحقاق الحكومي الذي كثر الكلام حول تعقيداته، علما ان اشارات العهد الاولى تشي بأنه قد لا يكون صعباً.
القلادة المذهّبة
درجت العادة أن الرئيس المنتهية ولايته عندما يسلم الرئيس المنتخب يعمد الى تقليده الوسامين الرفيعين وهما وسام الارز الوطني من رتبة الوشاح الأكبر ووسام الاستحقاق اللبناني من الدرجة الاستثنائية، وعند تسلم الرئيس ميشال سليمان طرحت إشكالية من يقلده الأوسمة وعرضت افكار عدة الى ان أستقر الرأي على ان رئيس الجمهورية لا يقلّد وساماً من شخص ادنى منه رتبة وتم وضع الوسامين على مكتب الرئيس وتقلد هو الوسام الارفع بينهما. اما الرئيس ميشال عون، فقد قلد نفسه ارفع وسام وهو وسام الارز الوطني من رتبة القلادة المذهبة.
أرقام.. ومفارقات
÷ مددت ولاية ثلاثة رؤساء جمهورية أكثر من الفترة الدستورية، أي ست سنوات وبلغت تسع سنوات، وهم:
بشارة الخوري 1943 ـ 1952.
الياس الهراوي 1989 ـ 1998.
اميل لحود 1998 ـ 2007.
÷ حظيت محافظة جبل لبنان بعشرة رؤساء ومحافظة الشمال برئيسين والبقاع برئيس واحد.
÷ انتخب خمسة رؤساء جمهورية خارج قبة البرلمان وهم:
الياس سركيس انتخب في المقر المؤقت في قصر منصور، وأقسم اليمين الدستورية في بارك اوتيل ـ شتورة في البقاع.
بشير الجميل انتخب رئيسا في القاعة الكبرى في المدرسة الحربية في الفياضية.
أمين الجميل انتخب في المدرسة الحربية.
رينيه معوض انتخب في قاعدة القليعات الجوية ـ عكار شمال لبنان.
الياس الهراوي انتخب في بارك اوتيل شتورة ـ البقاع.