تحتفل جونية بمهرجاناتها التي أضاءت السماء والبحر ليلاً ولم تغب عنها صورة الانتخابات وما سيجري في ربيع 2018، فدائرة كسروان جبيل تعيش الصيف السياحي بامتياز وتتحضر للمعركة الانتخابية التي تختلف هذه المرة عن معاركها السابقة، فمن أحرز التسونامي الجارف بات رئيساً في قصر بعبدا وعادت الزعامات والبيوت السياسية تتنفس الهواء الكسرواني الذي قطعه عنها رئيس التيار الوطني الحر على مدى دورتين متتاليتين. صحيح ان اسماً آخر سيخلف او يرأس اللائحة العونية فقائد المغاوير يتمتع بشعبية واسعة إلا ان ظروفاً كثيرة تغيرت من القانون الانتخابي الجديد الذي يصعب تحديد نتائجه الى التحالفات التي ستتشكل، اذ يصعب الجزم بعد اذا كان تفاهم معراب سيتم اتباعه في المعادلة الكسروانية واذا كان مؤكداً ان اللائحة المحسوبة على التيار الوطني الحر ستتخلى عن «ركابها» النواب العونيين، عدا ذلك فان دائرة كسروان جبيل ليس فيها بعد خروج ميشال عون من الانتخابات رؤساء الأحزاب المسيحية الذين يترشحون في البترون والمتن الشمالي وزغرتا.
الغوص في التحالفات يبدو معقداً رغم جلاء غيمة القانون الانتخابي فالعملية الانتخابية تشهد مداً وجزراً، وثمة اسماء ترتفع واخرى تهبط في بورصة اللوائح بدون ان تستقر الاحوال، لكن الثابتتين الوحيدتين حتى الساعة ان ثمة لائحتين وربما ثلاث يتم التداول بهما، فمن لائحة «روكز» التي قد تتحالف مع القوات، ثمة لائحة فريد هيكل الخازن المقرب من رئيس تيار المردة الذي لا يمكن ان ينضم الى اللائحة العونية، وثمة حديث عن لائحة لرئيس مؤسسة الانتشار نعمة افرام قد تضم القوات في حال عدم الاتفاق بين التيار القوات في عدد من الدوائر، فالحال في الدوائر الأخرى قد لا تشهد تفاهماً انتخابياً والتناغم بين القوات والاشتراكي في الشوف وعاليه وبعبدا يضع تفاهم «أوعا خيك» على المحك.
شامل روكز هو رأس حربة اللائحة العونية، بدون شك فان الحاجز الشخصي بين روكز والقوات ليس وحده العقدة بعد انفتاح العميد على القوات وقيامه بواجب التعزية بوالدة سمير جعجع، لكن ثمة عقد اخرى تتصل بالتفاهمات العونية والقواتية المناطقية، كما ان التوقعات ان التيار الوطني الحر لن يحقق التسونامي نفسه وستنخفض حصته من خمسة نواب موارنة الى ثلاثة على أبعد تقدير فيما التحالف مع القوات سيقلص حصة العونيين الى اثنين ربما.
حتى الساعة لا يمكن تبيان «من مع من» بعد على متن اللوائح، الكل يعد العدة وثمة حديث يصل الى ثلاث لوائح، وثمة كوكتيل مرشحين من نواب ووزراء سابقين الى رجال اعمال ورؤساء بلديات سابقين وعونيين ملتزمين واصدقاء التيار العوني.
النائب السابق فريد هيكل الخازن هو حتماً خارج لائحة روكز بعدما قطع مسافة طويلة الى بنشعي، بدون شك فان وضعية الخازن اليوم افضل من الأمس بعد خروج ميشال عون من دائرة المنافسة مع النواب السابقين والزعامات التقليدية، وبفعل القانون النسبي الذي يعطيه فرصة محتملة افضل من الدورتين الماضيتين خصوصاً ان فريد هيكل الخازن والنائب السابق منصور البون خسرا في الانتخابات الماضية لكنهما من الارقام الصعبة في الموضوع الخدماتي كسروانياً.
بسؤال العميد روكز عن تحالفاته يؤكد ان الامور متروكة ورهن اوقاتها، وعن امكانية التعاون او التخلي عن النواب الحاليين واحتمال عدم ترشحهم على لائحته يرد «ثمة كرامات يفرض ان تصان» وهذا الجواب كاف لعدم فهم التوجه في لائحته مما يبقي الاحتمالين على حالهما، اما تصديق المعلومات عن ان لائحة روكز لن تضم احداً من النواب زوين والخليل وفريد الياس الخازن، او ان الكرامات يفرض ان تصان لدورة ثالثة، فان الصورة تبقى ضبابية فالتيار الوطني الحر انجز انتخابات داخلية لمرشحيه وهؤلاء لم يحصلوا على «سكور» عال في الانتخابات الحزبية كما حصل في غير مناطق مما يجعل احتمال التعاون مع احد النواب السابقين قائماً، فالنائب جيلبرت زوين والنائب يوسف الخليل قدما خدمات على صعيد عائلتيهما لكن رئيس بلدية ميروبا المحامي الياس خليل قدم استقالته من المجلس البلدي. استبعاد النائب زوين يفترض عدم اغضاب عائلة زوين وكسب عداوتها انتخابياً ويتم التداول باسم رئيس بلدية يحشوش كارل زوين المقرب من التيار، ويبرز ايضاً اسم روجيه عازار صديق التيار الوطني الحر.
وبحسب العارفين في تحضيرات لائحة روكز يمكن ان تضم احد النواب العونيين السابقين ولو ان الارجح ان لا احد يتداول في استحقاق 2018 بأسماء النواب انفسهم، خصوصاً ان زعامات فريد هيكل الخازن ومنصور البون وخدماتهما اضافة الى حضور زياد بارود كاسم انتخابي تشكلون عامل قوة لتداخلهم مع المجتمع الكسرواني وخدماتهم الاجتماعية وقربهم من الناس، علماً ان هذه الزعامات تخوض معركة «الثأر» في القانون الجديد ضد تسونامي عون الكسرواني.
مرشح القوات في الاستحقاق هو الذي اختاره وسماه سمير جعجع شوقي الدكاش، في حين ترشح الكتائب شاكر سلامه، في الانتخابات الداخلية للتيار يتردد اسم انطوان عطالله وتوفيق سلوم وجوزف بارود وايلي زوين، وهؤلاء خاضوا الاستفتاء العوني فيما تبرز اسماء اصدقاء التيار ابراهيم الحداد وروجيه عازار. الوزير السابق زياد بارود حاصل على رقم متقدم في استطلاعات الرأي، ورئيس المؤسسة المارونية للانتشار نعمت افرام قرر الترشح دون التراجع مبدئياً عن قراره هذه المرة كما تقول اوساط قريبة منه.
كسروان تعيش صيف المهرجانات والانتخابات النيابية، التحالفات يتم رسمها وصياغته وفق مزاج كل فريق ، فالهمس يدور والحديث في الصالونات وكله يتمحور حول جديد الاتصالات في دنيا التحالفات، حيث باتت الأسماء تنتقل من مكان الى آخر وسط ذهول ومفاجأة اغلب المتعاطين في الانتخابات الكسروانية، فالمهم لدى الفاعلين في هذه الدورة الانتخابية هو الانتصار في القضاء الذي بات عصياً على غير جماعة التيار الوطني الحر او على الأقل معقداً لدورتين متتاليتين. وعلى ذمة الرواة وحسب الأحاديث المنتشرة في الصالونات الكسروانية، فكل شيىء بات مسموحاً في هذا القضاء، فلا عجب ودائماً على ذمة الرواة ان ينسج العونيون وحلفاؤهم تحالفات غريبة عنهم عندما تحين الساعة الانتخابية من اجل تثبيت انتصارهم الماروني بالثلاثة.
العائلات الكسروانية كما الأحزاب يدركون قوة ميشال عون في هذا القضاء وبالتالي فان خروج طيفه من هذا القضاء بعد ان اصبح رئيساً للجمهورية بات ضرباً من المعجزات ومن المستحيلات. فالعماد ميشال عون انتقل بالجسد الى قصر بعبدا لكنه ليس بعيداً عما يجري في معقله الانتخابي السابق، هو تعلم من خبرته الانتخابية في الشارع المسيحي ان زعامته المسيحية وترؤسه اكبر تكتل مسيحي انطلقا من فوزه النظيف في القضاء الماروني الصافي، وقد استطاع عون في الدورات الانتخابية الماضية تحقيق انتصارات على الزعامات السياسية فمنصور البون هو في الاستحقاقات الاخيرة النائب الخاسر بما حققه من ارقام مرتفعة عند اقفال الصناديق، فيما الوزير السابق فريد هيكل الخازن لا يبدو انه احسن مد الجسور مؤخراً الا باتجاه بنشعي بدل الاحزاب وبالتالي فان المعركة الانتخابية ستكون قاسية على الجميع.
المعركة في كسروان – جبيل «مسيحية – مسيحية» تطور واحد طرأ عليها بخروج «الجنرال» شخصياً منها وبحلول روكز على «رأس» اللائحة العونية ودخول تفاهم معراب المعركة الذي سيعطي فرصة أفضل من قبل للقوات للتمثيل في كسروان مجدداً، الاسماء المطروحة في اللائحة العونية تستبعد النواب الحاليين على ما يبدو وايضاً مرشحي التيار الوطني الحر الذين خضعوا لاستفتاءات التيار الانتخابية ولم يوفقوا في الاختبارات بحيث لم يحصل اقواهم على اكثر من 13 بالمئة من اصوات الناخبين وحيث ان «الجنرال» نفسه علق على ذلك بقوله لا أحصنة رابحة للفوز في استحقاق كسروان من المحازبين.
فيبدو ان الحالة العونية التي فازت في القضاء لم تقلل من عزيمتهما فالوزير السابق فريد الخازن رقم صعب في المعادلة وان خرج من الانتخابات الماضية ورهان الخازن على عدم قدرة المرشحين العونيين من دون ميشال عون على تكرار تجربة الانتخابات الماضية، فيما النائب السابق منصور البون في استنفار انتخابي وخدماتي وحاضر دائماً ولو كان خارج البرلمان. وعليه تقول اوساط كسروانية ان معالم لائحة تجمع المرشح القواتي شوقي دكاش وكلاً من مارون الحلو ومنصور البون من كسروان الى زياد حواط وفارس سعيد من جبيل باتت واضحة تقريباً بدون ان يتضح معالم انضمام نعمت افرام اليها.
في هذه الدائرة جارة بكركي تحشد القوى المسيحية لاظهار القوة التي منها ستنطلق الى رحاب الوطن كممثلة شرعية للمسيحيين. بكركي التي كان لها سابقاً رأي وموقف في الاستحقاقات السابقة في عهد البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، تقف اليوم على مسافة واحدة من الجميع، لكن الرعية في كسروان تتقاسمها العائلات والقوى السياسية، فالتيار الوطني الحر شكل المفاجأة في مدينة فؤاد شهاب بعد ان استطاع «الغريب» ان ينتصر ليشكل انطلاقة صاروخية للتيار الوطني الحر في المجلس النيابي، وبالتالي فان العونيين لن يتراخوا ويستسلموا للرغبات المتمادية للحلفاء الجدد وسيكون التبادل متوازياً مع الاقضية الاخرى على قاعدة «خود وهات». والقوات اللبنانية ستحقق حلمها بان يدخل الى المجلس النيابي «قواتي» من بوابة كسروان التي بقيت عصية عليها في الدورات السابقة، بعدما بقي المقعد الكسرواني «حصرماً لم يتذوقه القواتيون في المعارك مع انهم تحالفوا مع الكل تقريباً لوقف المد العوني. فالقوات مثلت كسروان نيابياً من خلال التعيين في عهد الياس الهراوي عندما عين جورج كساب نائباً عن كسروان. المعاناة القواتية تشبه المعاناة لدى البيوت السياسية التي سد عليها عون الطريق وقطع عنها الهواء السياسي. علماً ان هذه العائلات اتحدت فيما بينها في حلف نادر لم يشهده القضاء على مر المعارك، لكن المصيبة التي تجمع دفعت العائلات لتشكيل جبهة واحدة مع الاحزاب لمنازلة عون في «ام المعارك». الا ان جميع هؤلاء، احزاباً وعائلات عادوا خائبين في الدورات الانتخابية التي فاز بها عون بسهولة قياسية.