على أنغام «نحنا تيار التغيير»، مشى «الجنرال» ميشال عون على السجاد الأحمر، وضع يده في جيبه اليسرى، رفع جبينه بالعالي، نظر الى الحشود من المحازبين والمناصرين، وتحدّث في ذكرى «حرب التحرير« عن ضرورة انتخاب رئيس قوي لدولة قوية..
لكن بعض حضور هذا الحفل من كوادر «التيار»، لم يكن يعلم أن لازمة «التغيير»، التي تردّدت في هذا الحفل، لن تبصر النور بعد اسبوعين تماماً، من خلال الترجمة الطبيعية لـ»التغيير»، والتي تتمثل باجراء انتخابات حزبية داخلية.
مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر« كشفت لـ»المستقبل» النقاب عن تأجيل الانتخابات الداخلية للتيار أمس للمرة الخامسة على التوالي، حيث أن «الجنرال» لم يوقّع امس (23 آذار) على اللائحة التطبيقية للنظام الداخلي، وهو الموعد النهائي الذي يسبق اجراء الانتخابات بشهرين (23 أيار المقبل).
وشهد الاسبوع الماضي، تمهيداً لهذا التأجيل الجديد، جولات من السجالات الداخلية، حيث تولى وزير الخارجية جبران باسيل مهمة اقناع عدد من كوادر التيار المعارضين للتأجيل بوجهة نظره، طارحاً 3 أسباب تفرض هذا التأجيل:
1 – ضرورة عقد مؤتمر للتيار الوطني الحر لاقرار النظام الداخلي كي يكسب شرعية أكبر، ولتكون الفترة التي تسبق هذا الموعد كافية لتحضير اعضاء «التيار» للانتخاب.
2 – قيادة «التيار الوطني الحر« قررت استرجاع النظام الداخلي من وزارة الداخلية كونه لم يتضمن المواصفات التي اتُّفق عليها.
3 – ضرورة انهاء الجدل حول المكتب السياسي لجهة «التعيين» او الانتخاب، كما لجهة صلاحيات هذا المكتب، بحيث تكون استشارية ام تقريرية، بمعنى ان تخضع كافة قرارات التيار للتصويت من قبل المكتب المذكور.
وأضافت المصادر القيادية في «التيار« ،»أنه وحتى اللحظة، لم تقرر الكوادر المعارضة للتأجيل الخطوات التي ستلجأ اليها في وجه القرار الذي كان «مفاجئاً للجميع«، بعد ان كان اتّفِقَ على بدء انتخابات التيار في 23 أيار المقبل«. وأشارت المصادر الى أن «الرمز الأبرز لمعارضي التأجيل، وهو نعيم عون (ابن شقيق عون)، اجرى من خارج لبنان طيلة الساعات الماضية، لدى تبلغه قرار التأجيل، سلسلة من الاتصالات مع قيادات «التيار» المعارضة للتأجيل، ودعاهم الى ضرورة التصدي لهذا القرار داخلياً واعلامياً«.
وفيما رفض عضو كتلة «الاصلاح والتغيير» النائب آلان عون في اتصال لـ»المستقبل» الحديث عن موضوع تأجيل انتخابات «التيار» الداخلية، مكتفياً بالاشارة الى وجود نقاش داخلي وطبيعي حول الموضوع، قال انطوان نصرالله، القيادي في التيار الوطني الحر، إن «الانتخابات الداخلية قد تتأجل لمدة شهر على أبعد تقدير، وذلك لتنقيح لوائح الشطب»، مؤكداً أن «اي خطوة من هذا القبيل ستتخذ بموافقة الجميع».
يبدو أن ثقافة «التعطيل والمقاطعة» التي لطالما انتهجها عون والعونيون بحق الانتخابات الرئاسية وغيرها من الاستحقاقات التي مرّت على لبنان، تلفح اليوم صفوفهم الداخلية وتهدد «التيار» بتطيير «الانتخابات» لصالح «التعيينات».
لطالما تباهى «البرتقاليون» بفرادة نظامهم الداخلي وحداثته، إن كان لجهة مشاركة «الحزبيين والمناصرين» في ترشيحات النيابة والبلدية، أم لجهة اختيار أعضاء المكتب السياسي والكوادر عن طريق الانتخاب. ولكن يبدو أن مساعي «الجنرال» الأخيرة لتحويل تياره السياسي من حركة شعبية الى حزب منظم تحكم عمله ضوابط قانونية وأطر تنظيمية، لن تنجح، أو أقله هذا ما توحي به مصادر مطلعة في «التيار«.