الشاشات نفسها التي سبق تثبيتها في احتفالات حزب الكتائب في الفوروم دو بيروت. المسرح ذاته الذي يتناوب تيار المستقبل والقوات اللبنانية على تركيبه في «بيال». حتى المقاعد وأجهزة الصوت والإضاءة وشاشة التلقين. تشك إذا كنت دخلت القاعة الصحيحة، حتى ترى الجمهور. لكن لا تلبث الحيرة أن تعود حين ترى الحضور الكثيف لممثلي قوى 14 آذار. إلا أن الوزير جبران باسيل يبدد الشكوك في خطاب يتميز بسقفه العالي والتحدي على مختلف المستويات.
ومتوجهاً إلى قوى 14 آذار الحاضرين بممثليهم في قاعة «بلاتيا» في ساحل علما، يصرخ باسيل: «ارفعوا أيديكم عن القانون النسبي ورئاسة الجمهورية»، موجهاً تحية الى حزب الله عبر الثناء على تضحيات «المقاومين ونقول للمحتلين سنُحاربكم جيشاً وشعباً ومقاومةً». حدد المعركة بأنها بين النور والظلام، داعياً كل من يعنيهم بلدهم إلى تأييد النور المتمثل بالتيار الوطني الحر. أما داخل البيت فالذي يريد «الإساءة الى التيار في العلن يعرف باب الخروج». ولمن هم خارج التيار، باب العودة للداخل مفتوح شرط «طلب الاعتذار». هنا سكت الحضور. بدا واضحاً في القاعة أن الأكثرية لا تهضم «طرد» أحد.
الدعوات وجهت الى المنتسبين الـ١٧ ألفاً رغم إدراك المنظمين أن استقبال هذا العدد مستحيل. وقد لبى الدعوة نحو ستة آلاف حزبي قُسموا مجموعتين: أمام المسرح جلس أصحاب البذلات من عونيين وممثلين للأطراف السياسية كافة. عضو وفد القوات اللبنانية ملحم رياشي غادر قبل بدء الاحتفال لـ»أسباب صحية». أما اللافت فكان «الهيصات» السلبية التي نالها وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق. ظلّ مبتسماً، فيما حاول المنظمون التغطية على صيحات استنكار حضوره بالتصفيق، إلا أن ذلك لم يمنع «شعب التيار» من التعبير عن وجهة نظره بالفريق السياسي الذي يُمثله المشنوق. خلف المسرح، تمركزت شابات وشبان باللباس الأبيض يلوحون بالأعلام البرتقالية منتظرين «ظهور العماد». المسرح أيضاً قُسم الى اثنين: يمين المنصة، جلس «أنصار الجيش اللبناني»، وعلى يسارها «المناضلون». تبادل هؤلاء «نكاتاً» عبر «الواتسآب» عن شعورهم بأنهم «مقاصصون» بعدما اتخذوا أماكنهم منذ الساعة الثالثة. وصول الناشط مارك الحويك كسر «الملل»، فوقف المناضلون على المسرح مصفقين له. تحمسوا مرّة ثانية حين اقترب منصور فاضل من المنصة برفقة اللواء نديم لطيف، «الأب الروحي» للعونيين.
اتخذ باسيل مكانه الى جانب زوجته شانتال تحضيراً لوصول العماد عون. صدحت كلمات «طلّ القائد عون»، إلا أن من وصل كان النائب «المنسحب» آلان عون، الذي كان آخر الداخلين وأول المغادرين. بعد لحظات، يخترق عون حشود العونيين الذين أغدقوا عليه بهيصات الترحيب والشعارات على مثال «بقوة الله ومار عبدا عون راجع عا بعبدا». دمعت بعض العيون حين اعتلى عون المسرح بسنواته الثمانين. كلماته التي لفظها بصعوبة وقطعتها سعلته أثرت في «العونيين». كلمة من القلب الى القلب: «أطمئنكم لا بترك ولا بتقاعد باقي معكم». أفصح عن العهد الذي «قطعته على نفسي ولشهدائنا ما بوقف نضالي إلا ليخلص عمري». حلم «الجنرال» كبير: «حلمي إعمل حزب وورثه إلكم كلكم… إذا بتحبوني كفوها».